فالقلب في مالين يسكن وادعاً ... تلقاء من هو للعلوم أداة .
سأطير شوقاً نحوه فلقد بدت ... للشوق في أحشائي الحركات .
فأجاب عنه بقوله : .
وجنات حور تلك أم جنات ... أم من مقال رئيسنا أبيات .
وصلت إلي على يد من جودها ... وصلت إلى كل الأنام صلات .
كانت هبات الله إذ سكنت بها ... لرياح شوقي نحوه هبات .
فسررت منه سرور من بشرته ... بابن وقد كثرت عليه بنات .
حركات شوقي أقلقته فكان في ... حركات شوقي للورى بركات .
إن جاء مثل حيا الربيع مبشراً ... تحيا الموات به بل الأموات .
وكتب إلى ولدي أيضاً : .
يا من أرى كل يوم ... هواه يومي ويوحي .
إلى فؤادي بشوق ... مبرح بالروح .
متى كتمت هواه ... في قلبي المجروح .
يقل هواه لعيني ... لا تكتميه وبوحي .
فأجاب عنه بقوله : .
قل للرئيس المرجى ... عمرت لي عمر نوح .
متى سقيت صباحاً ... ذكراك طاب صبوحي .
ارحم فؤاداً ذلولاً ... أسير شوق جموح .
شوق يقول لعيني ... فيضي وللنفس بوحي .
كفى شهيداً عليه ... بدمعي المسفوح .
هذا قريضك أبرا ... قلباً مخوف القروح .
وصار قرة عين ... بين الدموع سنوح .
فارجع ليرجع نحوي ... عقلي وصبري وروحي .
فيستفيق فؤادي ... ويستريح نصوحي .
وكتب إليه أيضاً يستزيره : .
الشوق برح بالحشا ... والليل مسترخ سجوفه .
إن لم يكن للشيخ عذر ... في الحضور فما وقوفه .
فأجاب : .
وصل القريض فجم طا ... ئلة وإن قلت حروفه .
وأليف قلبي شوقه ... قد فات إحصائي ألوفه .
لكن عداني عنه غيم ... جاء لامعةً سيوفه .
ومن استزار ذوي اللحى ... والليل مسترخ سجوفه .
وكتب إلى والدي أيضاً وأنا حاضر عنده : .
إن ناب عن شخصه علي ... في الفضل والظرف والكمال .
فعاشق الورد ليس يرضى ... بشم ماء له زلال .
فأجاب عنه : .
الشيخ في الفضل والكمال ... جل عن الشبه والمثال .
أراه في جملة البرايا ... كالبدر في ظلمة الليالي .
شبهني فضله بورد ... وابني بماء له زلال .
يا طالب الورد في أوان الش ... شتاء هذا من المحال .
من نال منها بماء ورد ... إن عدم الورد لا يبالي .
وأنشدني لنفسه في غلام هندي للشيخ أبي سعد الخداشي : .
ألا أبلغا الشيخ الرئيس رسالةً ... مقالة منسوب إلى الود والنصح .
بأني أشري عبده عند عسرتي ... بعشرين آلافاً من الوضح الفتح .
وعلق بحفظي ببيت من قصيدة له وهو : .
والشياطين إذ بغوا وتعدوا ... أتبعوا منك بالشهاب الثاقب .
أبو المظفر محمد بن تمام .
فاضل متدين والتبرك بذكره فرض متعين . وله علي حق التأديب وقد كان من المؤدبين الذين لم يبدر من طباعهم شعر يروى وليس بأيديهم إلا لغة تكنز وأدب يحوى . وما زال التأديب حرفته حتى طوى من مسافة العمر أكثر المراحل وانتهى من لجة بحر الحياة إلى الساحل . ثم كف بصره بعدما كان ينسب زرقاء اليمامة إلى العمى ويعير فحل بني قيس بالعشى . ولست أروي له إلا بيتين كتب بهما إلى والدي وهو في السوق : .
يا فاضلاً سابقاً في كل مكرمة ... مستغنياً بالنهى عن كل مخلوق .
السوق يخلق وجهاً جد رونقه ... لا تخلقن جديد الوجه بالسوق .
فأجابه : .
ما كنت من قبل هذا غير مسبوق ... لكن عين رضاه نفقت سوقي .
لو كانت السوق بالأحرار مزريةً ... ما كان يمشي رسول الله في السوق .
وقوله لأبي سعد الكنجروزي وقد خدع من كتابه تلميذاً له : .
مؤدب يشبه طولاً مئذنا ... قد جاءنا يسلينا تلميذنا