يَحوي المَعالي غالياً أو خالياً ... أبداً يُداري دونَها ويُماري .
قد لاحَ في ليلِ الشبابِ كواكبٌ ... إن أمهِلَتْ آلت إلى الإسفار .
وتلهُّبُ الأحشاءِ شيَّبَ مَفرِقي ... هذا الضياءُ شُعاعُ تلكَ النّارِ .
شابَ القَذالُ وكلُّ غُصنٍ صائرٌ ... فَينانُهُ الأحوى إلى الإزهار .
والشِّبهُ منجذبٌ فِلم بيضُ الدُّمى ... عن بيضِ مَفرِقه ذَواتُ نِفار .
وتودُّ لو جَعلتْ سوادَ قُلوبها ... وسوادَ أعيُنِها خِضابَ عِذاري .
لا تَنِفرُ الظَّبَياتُ منهُ فقد رأت ... كيفَ اختلافُ النَّبتِ في الأطوار .
شَيئانِ يَنقَشعانِ أولَ وهَلةٍ ؛ ... ظِلُّ الشَّبابِ وخُلَّةُ الأشرار .
لا حبَّذا الشَّببُ الوفيُّ وحَبذا ... شَرخُ الشَّبابِ الخائِنِ الغَدّار .
وَطَري منَ الدنيا الشّبابُ ورَوقُهُ ... فإذا انقضى فقد انقَضَتْ أو طاري .
قَصُرتْ مَسافَتُهُ وما حَسَناتُهُ ... عِندي ولا آلاؤُه بِقِصار .
نَزادادُ هَمّاً كُلَّما ازدَدنا غِنىً ... فالفَقرُ كُلُّ الفَقرِ في الإكثار .
ما زادَ فوقَ الزّادِ خُلفَ ضائِعاً ... في حادثٍ أو وارِثٍ أو عارِ .
إنِّي لأرحَمُ حاسِديَّ لِحَرِّما ... ضَمِنت صُدورهُمُ من الأوغار .
نَظروا صَنيعَ اللهِ بي فَعيونُهم ... في جَنّةٍ وقلوبُهم في نار .
لا ذَنبَ لي قد رُمتُ فَضائلي ... فكأنَّما بَرقَعتُ وجهَ نَهار .
وسَترتُها بتواضعي فتطلَّعت ... أعناقُها تعلو على الأستار .
ومنَ الرجالِ مَجاملٌ ومَعالم ... ومنَ النُّجومِ غوامِضٌ ودَرارِ .
والناسُ مُشتبهونَ في إيرادِهم ... وتَفاضُلُ الأقوام في الإصدار .
عُمري لقد أوطأتُهُم طرق العُلا ... فعَمُوا ولم يَطَأوا على آثاري .
لو ابصَروا بعُيونهم لاستَبصَروا ... وعمى البَصائِرِ من عَمى الأبصار .
هلاَّ سَعَوا سَعيَ الكرامِ فأدركوا ... أو سَلَّموا لمواقِعِ الأقدار .
ذهبَ التكرُّمُ والوفاءُ منَ الورى ... وتَصرَّما إلا منَ الأشعار .
وفشت خياناتُ الثِّقاتِ وغيرهم ... حتى اتَّهّمنا رؤيةَ الأبصار .
ولربِّما اعتضَدَ الحَليمُ بجاهِلٍ ... لا خَيرَ في يُمنى بغيرِ يَسار .
وله أيضا وهو مما أفادينةِ الشيخ أبو محمد الحمداني : .
تَهيمُ بِبَدرٍ والتنقُّلُ والنُّوى ... على البَدرِ مَحتومٌ فهل أنتَ صَابرُ .
له مِن سَنا الفَجرِ المُورَّدِ غُرَّةٌ ... ومِن حُلل الليلِ البَهيمِ غَدائِرُ .
وله أيضاً من نشبيب قصيدة أخرى : .
بَكَيتُ فحنّتْ ناقَتي فأجابَها ... صَهيلُ جَوادي حينَ لاَحتْ ديارُها .
خططْنا بأطرافِ المّحاصِر أرضها ... فأهدتْ إلينا مسكَ دارِينَ دارُها .
ولاحتْ تَنايا الأقحوانِ ولو رأت ... عوارِضَ من أهواهُ طالَ استِتارُها .
تَوقَّ عيونَ الغانِياتِ فإنَّها ... سُيوفٌ وأشفارُ الجُفونِ شِفارها .
وله أيضاً : .
خَليليَّ هل من رقدةٍ أستعيرُها ... لعلِّي بِأحلامِ الكرى أستزيرُها .
ولو عَلمتْ بالطَّيفِ عاقَتهُ دُونَنا ... لقد أفرطتْ بُخلاً بِما لا يضيرُها .
ومن أملح ما سمعت في هذا المعنى قوله : .
أبرزنَ من تِلكَ العُيونِ أسِنّةً ... وهَززْنَ من تلكَ القُدودِ رِماحا .
يا حَبَّذا ذاكَ السِّلاحُ وحَبّذا ... وقَتٌ يكونُ الحُسنُ فيهِ سِلاحا .
ومنها : .
أهوى الفَتى يُعْلي جَناحاً لِلعُلا ... أبَداً ويَخفضُ لِلجَليسِ جَناحا