ولست أقول : إني أربيت عليه أو زدت وقاربت درجته أو كدت . ولكن المصدور ربما نفث فاستراح والنسيم ربما نشر سر الروض فباح .
الفقيه أبو الحسن علي بن محمد .
بن عبدونه .
كتب إليه عثمان بن محمد الخشنامي من بعض القرى وذلك بعد طول مقامه بها : .
عزاء فلدغ الهم للقلب محرق ... ودفع الهوى للصب بالصبر أوفق .
شكوت وما تجدي الشكاية بعدما ... نوى لي النوى من كنت أهوى وأعشق .
بكيت وهل يشفي البكاء إذا أنى ... من الأمر مقضي وحم التفرق .
مقيماً بأرض ما بها غير أحمق ... يكدر عيشي قربه ويرنق .
نهاري فيها بالذباب منغص ... وإن رحت فالبرغوث جلدي يمزق .
يغرمني العمال مالاً قضيته ... وعندي خط بالبراءة ينطق .
وما ذاك إلا من شريك يكيدني ... بما يتقيه المسلم المتحقق .
ويظهر ودي شائباً بنصيحتي ... وإن عن لي مال يخون ويسرق .
أراحني الرحمن منه بفضله ... فما هو إلا قرطبان ممخرق .
وصير بغضي للتفرق خيرة ... فطول مقام المرء في الحي مخلق .
فأجابه عنها ابن عبدونة هذا بقوله : .
دموع بما ألقى من الوجد تنطق ... وقلب بنيران الصبابة يحرق .
ولو كنت ذا طرف يحل به الكرى ... رأيت خيالاً للحبيبة يطرق .
أنوح إذا ما لاح برق تأسفاً ... وأندب إن ناح الحمام المطوق .
ولي عبرات كلما رمت كفها ... بكفي همت في صحن خدي تدفق .
بنفسي من لا تهد دلاً سلامها ... وليس لها في ذاك إلا التفتق .
وكم ليلة مدت علينا رداءها ... وفيها سهام الكاشحين تفوق .
أغازلها والنجم يرنو بمقلة ... مسهدة تحكي فؤادي فيخفق .
منعمة شقت عن الليل برده ... ففي وجهها للشمس والبدر مشرق .
سأصبر حتى تنقضي دولة النوى ... ويهتز لي عود اللقاء فيورق .
وكنا زماناً نجتني ثمر المنى ... إذا ذكرت كادت لها النفس تزهق .
كأن الدجى بحر جمان نجومه ... كأن الهلال حين يغرب زورق .
فبادر وخل القوم بالنار واغتنم ... خلاصك منهم فهو بالحال أليق .
حكيت وحق الود مني عجيبة ... متى عدلوا أو أنصفوا أو تحلقوا .
وعلى ذكر : .
أحمد بن عثمان الخشنامي .
فإنه كان فتى من ظرفاء نيسابور شريراً بين الندام شريباً للمدام . وكان من أقران القاضي أبي جعفر الزوزني وقرنائه وخله الذي يود بقلبه ويرى بعين لا ترى بسوائه . وكان يقول الناس : إذا اجتمعا اجتماع السعدين هذا يوم قران للحبيبن . أنشدني لنفسه في الصابونية وقد كان يكتب لإمامهم وشيخ إسلامهم أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن Bه ولعله نقم منهم شيئاً طوى لذلك كرم العهد طياً وتناول منهم بقوله فيهم : .
يا عصبة الصابون صاحبتكم ... منتظراً للخير ألقى بكم .
فكان عقبى ما تجشمته ... غسل يدي منكم بألقابكم .
وقد أحسن من حيث الصناعة لكنه أساء إذ هجا تلك العلوم مظلومة وتناول تلك اللحوم مسمومة . ولم أسمع في ألم ضرس المعشوق أملح وأحسن من قوله : .
شكت أقاحيك فاشتكيت لها ... يا نكتة الدهر فتنة البلد .
وجهك شمس الضحى إذا طلعت ... تضر بالأقحوان والبرد .
وأعتذرت أنا للشيخ الإمام أبي محمد الجويبي عن ألم ضرسه فقلت : .
جل الإمام الحبر عن علة ... في ضرسه لم تك معتاده .
لسانه أوجع أسنانه ... والسيف قد يأكل أغماده .
أبو سعيد الكاتب .
المعروف بجل دزه . كتب إلى والدي C ونحن بنيسابور أبياتاً جلب بها إليه بضاعة يستهديه فيها دراعة وهي : .
لي دراعة أمحت فصارت ... ثقباً كلها كغربال ناسف .
أنا شمس تضيء أفلاك فضلي ... غير أني من ثوبي الرث كاسف