واسعد بجد صاعد متنغماً ... في دولة مخضرة الأغصان .
وأنشدني لنفسه من أبيات له في عيادة الوزير أحمد عبد الصمد : .
يا أيها الشيخ الأجل ومن به ... يرجى الندى وتحقق الآمال .
لا تجزعن إذا مرضت فإنما ... للبدر بعد سراره استهلال .
وكذاك يعترض الجبال عوارض ... فتزول عنها والجبال جبال .
وله أيضاً يهجو أبا سعيد الفاريابي : .
عتبت على الصبابة للنشيد ... وملت على قريضي بالوعيد .
فقال : تجاف عن ذنبي وإلا ... فنحسني بمدح أبي سعيد .
وله في بعض النابغين : .
قد قيل لي : إن فلاناً غدا ... يجر أذيال العلا مسبله .
وما يرى في قومه غير من ... قد عجنت طينته من بله .
فقلت : هل تعجبكم وردة ... قد نبتت فينا على مزبله .
وله في بعض السادات : .
جمع الإله فضائلاً ومكارماً ... في السيد المفضال فضل الله .
فإذا تباهت بالمعالي عصبة ... فيه المعالي الباذخات تباهي .
أضحت أمور الملك رائقه به ... وتروق إن بقيت عليه كما هي .
وله ايضاً في مرثية ولده أبي البركات : .
يا ذا ظل يلحاني على جزعي ... أقصر فلا غرو أن أبكي على ولدي .
قد كان لي كبداً يمشي على حدقي ... فكيف يهنأ لي عيشي بلا كبد .
السيد أبو الحسن علي بن مانكديم الحسيني .
رأيته وهو عاري الوجه من الشعر متناصف حسن الوجه والشعر غض الأدب والسن . يضرب جماله وهو من الإنس بعرق في الجن واستكتبته نبذاً من أشعاره فكتبها لي بخطه الديباجي وضمنها ما لم يضمن صدور الغانيات من الحلي .
فمنها قوله : .
لعمرك ما نجدية الدار أتهمت ... وحنت إلى نجد وأنت من الوجد .
بأجزع مني لا وأسكب عبرةً ... وأدنى الذي أخفي كأقصى الذي تبدي .
أقول إذا ما الليل أرخى سدوله ... وطال مطال الصبح والقول لا يجدي .
ألا ليت شعري هل أرى الصبح طالعاً ... بوجهك لي أفديه من طالع سعد .
وإن جل ذاك الوجه عن قدر مهجتي ... فليس على العبد الضعيف سوى الجهد .
ولو كنت أعطى ما أشاء من المنى ... لما كنت تمشي قط إلا على خدي .
قلت : ليت شعري من المنتعل لذلك الخد فاشهد له بعلو الجد . وما مر بسمعي غزل نغم به غزال غير هذا .
وقوله : .
وما زهرات الروض باكرها الندى ... ولا البدر فيما أنجمه الزهر .
بأحسن من سعدى إذا ما تبسمت ... بياقوتتها عن نظام من الدر .
وقوله أيضاً : .
بنفسي معسول الرضاب مهفهف ... حثيث الخطا في المشي سود غدائره .
أراق دمي وجداً وأرق ناظري ... إذا ما دجا جنح الحنادس ناظره .
وكنت شحيح النفس أخشى فراقه ... فكان الذي كنا قديماً نحاذره .
وبت كما شاء الفراق ولم أزل ... أكفكف دمعاً تستهل بوادره .
بكى عند توديعي أسى فتهتكت ... على ملأ من حاسديه ستائره .
وأدمعه أفشت إلى الرقباء ما ... أجنته من برح الغرام ضمائره .
وقوله في الشيخ ناصح الدولة ابي محمد الفندورجي : .
يا ناصح الدولة يا سيداً ... شيمته الأنعام والبدل .
حزت المعالي بحذافيرها ... وإنما أنت لها أهل .
برأيك الجزل استتب الهدى ... وقام من صرعته الفضل .
أصبحت والله نظاماً له ... وعقده قد كان ينحل .
ونلت شأو الشمس في أوجها ... ولم ينلها طالب قبل .
ولم يكدر منذ سست الورى ... نذاك تسويف ولا مطل .
وما نبا سيفك في شدة ... إلا كفاها قولك الفصل .
قلت : وما عسى أن أقول في هذا السيد والوجه وضي والشعر مرضي واللسان عربي والجد نبي والحلية شرف وهو من أسلافه الأشراف خلف .
أبو محمد عبد الله بن الفقيه .
أبي صالح السراجي