لا زال محروس الجناب مؤيداً ... في حالتيه ؛ إيابه وذهابه .
الحسن بن الأديب يعقوب .
خلف أبيه اللائحة مخايل الخير فيه . وقد حصل صدراً صالحاً من فوائده ونظم في سلك الأدب كثيراً من فرائده . وللأيام فيه مواعد وسينجزها . وله في تنجز تلك المواعد فرص وسينتهزها . فمما كتب إلي قوله : .
نظامك مسكر لا الراح صرفاً ... ونثرك لؤلؤ لا ما ينظم .
فإن تنظم فسحر بابلي ... وإن تنثر فمنثور وأنعم .
علي بقيت للعلياء تكسى ... لباس الأمن في عيش منعم .
وله يهجو عفي عنه : .
قل للغراب : اغرب فحد صوارمي ... لم ينب يا ابن القحبة البظراء .
إن كان ذنباً مدحتيك فتوبتي ... خلصت فقد قفيتها بهجائي .
وأنشدني لنفسه في الغزل قوله : .
أيها المعرض عني ... أرني أنظر إليكا .
وترفق بفؤادي ... إنه وقف عليكا .
وله في أوحال نيسابور : .
قل لمن يعذلني في انجحاري ... بعد أن شاد الشتاء رواقه .
لا تلمني في لزومي لبيتي ... إن عومي في الخرا لحماقه .
قلت : وهذا الشعر بعد حصرم فإذا نضج عاد عنباً هنياً وبسر فإذا أينع صار رطباً جنباً . وقد أودعت هذين البيتن في رسالتي التي سميتها " غالية السكارى " اقرح علي انشاؤها بنيسابور في صفة أحوال أوحالها . فقلت في بعض فصولها : ولم يزل يقرع سمعي ما بنيت عليه نيسابور من رهل التربة وابتلاع طينها رجل الماشي من الأخمص إلى الركبة خسفاً وحاشا الوجوه بذكر قارون وبليته والعياذ بالله منها نعني القرون ووحلاً بلغ منكب خائضهظن فالتحفه وأودع القلب مصحفه ودجناً يزم في الهواء كل سارية كلفاء إذا حلقت ألصقت بأشراف الكواكب سنامها وإذا أسقت علقت من آناف المثاعب زمامها .
الشيخ أبو إبراهيم أسعد بن مسعود .
جلاء بصري وإن تغيم أحياناً سماؤه وشفاء ظمأي وإن تكدر في بعض الأوقات ماؤه . وهو لأبي النضر العتبي حافد وبغضه النضر لدوحته العلياء مرافد . وزعمت تلك التي أودعته لبانها ورضعته لبانها أن شيخي الحسن C من أشبه الناس بأبيها أبي النضر وللشبيه تناسب وإن لم يكن بين المتشابهين تناسل وللشيخ أبي إبراهيم هذا شعر كتابي كقوله من قصيدة في الصاحب نظام الملك : .
يا سيد الوزراء والأركان ... أيام دهرك مفخر الأزمان .
ورفيع قدرك بالنجوم متوج ... وسناء مجدك باهر البرهان .
نسخت مناقبك المناقب كلها ... نسخ الشريعة سائر الأديان .
ولقد كسيت من المحاسن حلةً ... مرقومة بصنائع الرحمان .
بهشاشة تدعو الوفود إلى الغنى ... وتبشر العافين بالإحسان .
وعزائم مثل الشهاب توقدت ... برزانة تحكي ذرا ثهلان .
وسماحة صوب الغمام قريبها ... ينشال وابلها بكل مكان .
يا نقطة الفلك المدار ونكتةً ... من صحف كل مآثر ومعان .
يا قرة عين كل مسرة ... يا غرة في وجه كل زمان .
للقائم النبوي أرضى ناصح ... للدولة العلياء أكرم بان .
ومنها : .
وقوام دين الهاشمي محمد ... ونظام كل ممالك السلطان .
اسكندر الرومي أصبح فاخراً ... إذ سد يأجوجاً بقطر آن .
سد الوزير أبي علي سيفه ... والسيف أحصن ما بناه بان .
تشتاق نيسابور غرتك التي ... هي كالزلال العذب للعطشان .
وقفت في العود الجميل برجعة ... من سفرة ممدودة الأرسان .
فاجعل جمامك حجة في عيشة ... بين الشراب الصفو والندمان .
كم مقتر أغنيته وأنلته ... ونعشته من ذلة وهوان .
جدي يخاصمني ويزعم ما الذي ... ألقاك طي جريدة النسيان .
هبني وزير المشرقين ضعيفةً ... تأتي خديجة زينة النسوان .
كان الرسول إذا أتته يعزها ... ويقول : حسن العهد في الإيمان .
عزم الزمان وجار فاحسم جوره ... عن عبدك المظلوم بالريحان