هلال يعد الأقمار وغصن يضمن الأثمار . فمن بواكير طبعه قوله في الشيخ الفقيه الأجل أبي القاسم علي بن عبد الله بن إسحاق : .
يا من له في مجده والعلا ... والكرم المحصن يد سابقه .
هنئت بل هنئ كل الورى ... تأسيسك المدرسة الرائقه .
وعشت في أمن وفي غبطة ... وعيشة راضية شائقه .
ونعمة تسبغ أذيالها ... ما طلعت شمس الضحى شارقه .
وله من قصيدة نظامية : .
إذا اخترط السيف يوم الوغى ... تنادى الأعادي تدانى الأجل .
فأين حيا المزن من خلقه ... ومز المدام وحلو العسل .
ومن غزلياته قوله : .
قالت وقد جد الرحيل بحسرة وتنهد .
الحزن بعدي والبكاء على الوصال تعود .
واصبر على بعدي ولا ... تهلك أسى وتجلد .
فجرى على خدي نهر مثل بحر مزبد .
وله من أخرى : .
فما هدأت ضلوعي منذ غبتم ... ولا اكتحلت جفوني بالرقاد .
جزى الله المطي جزاء سوء ... فهن غدون أسباب البعاد .
أبو الحسن المؤملي .
أنشدني له الأديب يعقوب بيتاً واحداً في هجاء إنسان بالبخل وقد لسملحته فكتبته وهو : .
وطول لشارب كي لا ترى ... إذا تغدى حركات الشفه .
الحمد لله هذا بيت لفظه مطرب ومعناه عن لطف ناظمه معرب . لم أسمع في بخيل مثله ولا أظن شاعراً ظفر به قبله . نشقت به من روض البلاغة ورداً ورأيته في هذا المجموع فرداً . فأنسته بيتين لطيفين وجعلتهما له أليفين قلتهما في بخيل لا أرضى صفته وشحيح لا يزال شاربه يغطي شفته . يبخل على لهاته بريقه ويسلك مسالك مادر في طريقه . صيرته معهما كالتضمين وجعلته لفاتحة الهجو كالتأمين وهو : .
قد قفل الباب بقفل له ... من بخله خوفاً على الأرغفه .
وقال : إن أطعمت منها امرأ ... لبابةً إني كثير السفه .
وطول الشارب كي لا ترى ... إذا تغدى حركات الشفه .
الشيخ الفقيه أبو بكر المعيد .
أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي الزوزني C قال : أنشدني المعيد لنفسه : .
زرتك مولاي وأنت الذي ... في العلم والمال له بسطه .
ومنطقي يقصر عن فضله ... ومن يصفه لم يطق ضبطه .
سماء مجد لا أرى سمكها ... وبحر جود لا أرى شطه .
وحق مثلي واجب عنده ... فأعط ذا الحق إذاً قسطه .
ولا تدع برك عن قلة ... فبقة في وقتنا بطه .
كفيت ما تحذره سالماً ... وعشت في خير وفي غبطه .
أبو نصر محمد بن أحمد الخواري .
أبوه خواري وهو نيسابوري وكل منهما في العلم علم . وأبو نصر هذا من أظرف خلق الله . وقد عاشرته فاستحسنت أخلاقه واستحليت مذاقه . وله شعر بارع لم يحضرني منه إلا ما أنشدنيه محمد بن أبي نصر بن عبد الله الباخرزي له وهو : .
دب الدماميل وحوشيها ... في جسدي مثل دبيب المدام .
لكنها الراح تريح الفتى ... وهذه تطرد مني المنام .
وجملة الأمر وتفصيله ... أني كما تكرهه والسلام .
أبو القاسم علي بن عطاء الثعالبي .
المعروف بالجنيدي .
شاب مليء ظرفاً حتى أنه لم يخطئ من الظرف حرفاً . وبيني وبينه صداقة صادقة . ولم تتقرط أذني بمحاسن كلامه إلا أن عيني قرت بمواقع أقلامه . وقرأت من خطه قصيدة له نظامية وهي : .
أصبح الملك مطمئن الوهاد ... عالي الطود راسي الأوتاد .
وغدت دونه عوائد صنع الله يدفعن في نحور الأعادي .
فجميع الأيام حسناً وأنساً ... لجميع الأنام كالأعياد .
ومنها في المديح : .
وحدت باسمه الوزارة قدماً ... كاتحاد النفوس بالأجساد .
وله الأولياء إخوة صدق ... والرعايا في حيز الأولاد .
سيد في ذراه سود الليالي ... مشرقات لنا ببيض الأيادي .
نير الرأي في الخطوب الدواجي ... ذائب الكف في الزمان الجماد .
وله من أخرى أولها : .
ألا يا صاح قلبي غير صاح ... من الأيام من حب الملاح