رأيت العلم بكاء حزينا ... ونادى الفضل وا حزنا وبوسا .
سألتهما بذاك فقيل : أودى ... أبو سهل محمد بن موسى .
ابنه .
ركن الدين إمام الحرمين .
أبو المعالي عبد الملك .
فتى الفتيان ومن أنجب به الفتيان ولم يخرج مثله المفتيان عنيت محمد بن إدريس والنعمان بن ثابت . فالفقه فقه الشافعي والأدب أدب الأصمعي وحسن بصره بالوعظ كالحسن البصري . وكيفما كان فهو إمام كل إمام والمستعلي بهمته على كل همام والفائز بالظفر على إرغام كل ضرغام . إذا تفقه فالمزني من مزنته قطرة وإذا تكلم فالأشعري من وفرته شعرة . وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة ولثم البلغاء بالصمت حقائقه النادرة . ولولا سده مكان أبيه بسده الذي أفرغ على قطره قطر بانيه لأصبح مذهب الحديث حديثاً ولن يجد المستغيث منهم مغيثاً . وله شعر لا يكاد يبديه وأرجو أن يضيفه قبلي إلى سوالف أياديه . وهو وإن غطاه فكيف تصبر عن التبرج في حلاه الآداب العواطل وإن أخفاه فهل يخفى على الناس الرباب الهاطل ولا بأس من أن يحصل المغرى ويكثب المرمى فتكون فوائده لأنسي الحائل نتاجاً وفوائده لراسي العاطل تاجاً . وقد بيضت هذه الصفحة انتظاراً مني لتلك اليد البيضاء وانتجاعاً لتلك الروضة الخضراء وحق لمن استجلس مجلس إفادته أن يظفر بإرادته ويجد روضاً وغديراً ويرد عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا .
الشيخ أبو الحسن علي بن عبد الله الدلشادي .
كاتب ديوان الحضرة الغزنوبة وكان طويل الباع بها عريض الجاه فيها . كتب إلى ابنه أبي الفتح جواباً عن كتاب تقدم منه إلى أستاذه في الاعتذار عن سابق جفوة وبادر هفوة تبدو أمثالها من الأغمار الأغرار : .
أبا الفتح إني قد تأملت رقعةً ... كتبت إلى الشيخ الأديب أبي الفتح .
شكوت إليه أن أمرك مظلم ... وأنك مطوي على كمد برح .
تماديت في غي وما كان ثانياً ... عنانك عنه كثرة الوعظ والنصح .
ومن يك في شوط البطالة مجرياً ... يكن ليله ليل الضرير بلا صبح .
أما تخطئ الأيام فيك بأن ترى ... وقد فزت يوماً في قداحك بالنجح .
فإن صح منك الإرعواء إلى الهدى ... من الغي قابلت الخطيئة بالصفح .
عسى الله بعد العسر يعطيك يسره ... وينعم بعد الجدب بالديمة السح .
قلت : كان أبو الفتح هذا معنا بالبصرة ولم يكن عارياً من الفضل ولا عاطلاً عنه . فمرض بها مدة فإذا أنا به يوماً من الأيام وقد توسد ظل نخلة بالأبلة وقضى نحبه فدفناه بها وذلك في شوال سنة خمسين وأربعمائة .
الفقيه أبو محمد عبد الرحمن .
بن محمد الدوغي .
من عباد الله الصالحين رأيته بنيسابور يختلف إلى دار الشيخ المؤيد القاضي أبي عمرو البسطامي ويكرر وظائف الفقه على أولاده ويقدم أورادهم على جميع أوراده . وفيه من لين العشرة ولين الجانب وسلامة الناحية ولزوم العافية في الزاوية مما يستميل إليه الأهواء ويؤلف عليه الآراء . فمما أنشدني لنفسه من شعره قوله في صفة الشمع : .
وباكيات قصر الأعمار ... بأدمع صفر لها جوار .
إذا امتطت مراكب النضار ... وبرزت لأعين النظار .
عاد ظلام الليل كالنهار .
وقوله : .
يا خاضب الشيب كي تخفى بواديه ... وقد نهاك عن اللذات ناهيه .
هب أنك اليوم قد غلطت مبصره ... فكيف تغلط فيما أنت تدريه .
وقوله : .
لا تعجبوا من غلوي في مودتكم ... فأنتم بمحل السمع والبصر .
إن تحسنوا فلكم شكري ومحمدتي ... وإن تسيئوا فمحمول على القدر .
قد يشرب الصفو أحياناً أخو ظمأ ... وقد يكون له شرب على الكدر .
وله أيضاً في العزلة : .
وقد لازمت قعر البيت حتى ... كأني بعض أحلاس البيوت .
إذا ما البحر فليس فيه ... لمن رزق السعادة من ثبوت .
وله أيضاً في غرض عرض له : .
تسيء إلي ثم تريد شكري ... لعمري لست فيه بالمصيب .
ربحت علي إذ لم أبد شكوي ... فدع ما قد يريب من الأريب .
وله أيضاً في غير معناه :