فهزل ولا كالبابلية صفيت ... وجد ولا كالمشرفية أرهفت .
وبسط يضاهي غرة النجح أشرقت ... وبشر يحاكي طرة الصبح أشرفت .
ولا سيما ليلاً كليلة يوسف ... رأيت بها طير السعادة رفرفت .
تجمع فيها ما اشتهيت من المنى ... بأخوان صدق كالكواكب أردفت .
وكتب إلى الشيخ أبي طالب البغدادي الآدمي في هذا المعنى ونقل القافية من الفاء إلى القاف : .
أبا طالب نفسي تنازع ليلة ... طلعت بها بدراً منيراً فأشرقت .
وحولك إخوان أجد لقاؤهم ... من الأنس أثواباً أمحت وأخلقت .
وكان المنى أسرى النوائب والنوى ... ففاديتها بالنفس منك فأطلقت .
ونديت روض المكرمات فنورت ... وسقيت دوح المأثرات فأورقت .
وهزهزت أسياف الهجاء فصممت ... وحثحثت أفراس المديح فأعنقت .
فجد كما شمت الصحيفة جردت ... وهزل كما شئت المدامة عتقت .
فيا ليت شعري هل أراها معادةً ... علينا فعيني من هواها ترقرقت .
وله أيضاً من غزلياته : .
حلاوة أيام الوصال شهية ... ولكن ليالي الهجر أمررن طعمها .
ولي كبد حرى ونفس عليلة ... كليم تولى كلمها البيض كالمها .
وله أيضاً : .
هل عاجب أنت مثلي ... فإنني جد عاجب .
من حاجب مثل قوس ... يزري بقوس لحاجب .
وأنشدني لنفسه وأنا أدعي فيها الإبداع : .
لا تحسب الخال الذي راعكم ... إلا سويداء فؤادي الكلف .
أراد لثم الخط في خده ال ... موصوف بالحسن فلم ينصرف .
وله أيضاً في ذم الدهر : .
الدهر أخبث صاحب ... واللؤم من أوصافه .
إن شئت أن تحظى به ... كن مثله أو صافه .
وله أيضاً في قريب منه : .
الجد أبلى جدتي ... والسعي أوهن ساعدي .
ما كان تغني حيلتي ... والجد غير مساعدي .
وله يفتخر وقد بلغه أن بعض حسدته عيره فرط عنايته بمؤلفات الثعالبي وهو من فروع الأدب وثماره والاشتغال بالأصل أولى ؛ إذ هو ربض في مضماره . واللفظ إلى هاهنا للأديب يعقوب : .
وناقص قد غاظه فضلي ... ينسبني جهلاً إلى الجهل .
يغض مني أنني خائض ... غمار بحر الأدب الجزل .
ونائل أقصى المنى جامعاً ... محاسن الفرع إلى الأصل .
ولو جرينا لدرى أينا ... يحوز سبقاً قصب الخصل .
إليك عني إن في فيّ ما ... يزري مضاءً بظبي النصل .
واخس كما يخسا أبو خالد ... عن صولة الليث أبي الشبل .
وله أيضاً في الهجاء : .
لنا صديق أيره ميت ... لكنما فقحته حيه .
أبغى من الإبرة لكنه ... بزعمه ألوط من حيه .
وله أيضاً في شكاية الإخوان من قطعة : .
وزنت إخواني لا مريةً ... بكفتي خبري وتجريبي .
فكلهم أروغ من ثعلب ... وكلهم أغدر من ذيب .
حدثني الأديب يعقوب C قال : دخل القاضي أبو جعفر البحاثي على الحاكم أبي سعد بن دوست قال : عن لي بيتان في معنى وهما : .
ليت شعري إذا خرجت من الدنيا وأصبحت ساكن الأجداث .
هل يقولن إخوتي بعد موتي ... رحم الله ذلك البحاثي .
قال : فاقتدى به فيهما به فيهما الشيخ أبو مسعود أحمد بن عثمان الخشنامي وقال : .
ليت شعري إذا تصرم عمري ... ودنا الموت وانقضت أيامي .
هل يقولن إخوتي بعد موتي ... رحم الله ذلك الخشنامي .
قال : فلما لحقا باللطيف الخبير قلت محققا ظنونهما ومصدقاً تخمينها : .
يا بن عثمان كنت خلاً ودوداً ... ناصح الجيب ذا سجايا كرام .
فطوتك المنون دوني طياً ... وكذاك المنون قصر الأنام .
فأنا اليوم قائل كل وقت ... رحم الله ذلك الخشنامي .
قال : وقلت للقاضي : .
يا أبا جعفر بن إسحاق إني ... خانني فيك نازل الأحداث .
وهوى عن مصاعد النجم قسراً ... بك تحت الرجام في الأجداث