وذلك في التصرف ذو اختيار ... وإنك من بروج في اشتباك .
وذلك مشرق في كل وقت ... وإنك من غروب في التباك .
وذلك ضاحك أبداً بجود ... وجوك ليس يمطر غير باك .
وذلك مستنير في نفوس ... وأنت منيرة بين السكاك .
وذلك في الحراك على سكون ... وأنت بلا سكون في الحراك .
وذلك في حراه كل فضل ... ولست أنال فضلاً من حراك .
وذلك أحمد السادات ليث ... وأنت غزالة فمتى تحاكى .
أبا نصر نور الشمس واظهر ... وخلّ الشمس في سمك السماك .
وأنت تواضعي يا شمس ذلاً ... لرفعة أحمد فلقد علاك .
وله فيه أيضاً من قصيدة أولها : .
سقياً لدارك من جفني ومعهدها ... وشادن لم يقصر في تعهدها .
وظبية آنستني فانثنت وثنت ... قلبي بأبرح أسقام وأجهدها .
تنهدت ثم ولت أي لمعتبة ... نفسي فداء عتاب في تنهدها .
وظبي إنس فقل في الظبي وا بأبي ... أصداغه إذ تلوت في تعقدها .
تبوأت مرقداً من وردتيه على ... ديباجتيه فيا طوبى لمرقدها .
رنا وأجلى وأضحى كالمهاة فمن ... لفهم معنى مهاة أو تفقدها .
أضحى كشمس وأجلى بالضواحك عن ... بلورة ورنا عن عين فرقدها .
قلت : انظر كيف أثار هذه المعاني من المهاة وهي لغة تتضمن عدة معان وهي الشمس والبلور وبقر الوحش فردها إلى المعشوق بثلاثة أوصاف مع مراعاة الترتيب في التقسيم . ومنها في المدح : .
إذا تبسم للعافين ليل ندىً ... فالصفر تعبس ضرباً من مجردها .
وإن تعبس للعاصين يوم ردىً ... فالبيض تضحك ضرباً من مجردها .
يذيب بالخوف أكباد العداة كما ... تذوب من حرقة أكباد خردها .
وليس تلهيه كأس في توردها ... عن نفس قرن لكأس في توردها .
أحبابه كعلاه في توردها ... أعداؤه كلهاه في تشردها .
ومنها يعدد ذكر الحرب : .
قتال أقتلها فراس أفرسها ... غلاب أغلبها صياد أصيدها .
فلا تتيمه خود بمطرفها ... إذا رأى الخود في حرب بمطردها .
ولم أسمع في العذار أحسن مما أنشدنيه لنفسه وهو : .
قد كان في نوره نهارا ... فزيد ليلاً من العذار .
فأين منه وهل مفر ... لنا من الليل والنهار .
ومن غزلياته الرقيقة قوله : .
فوالله ما فارقت عهده عقده ... والله ما حللت عقده عهده .
وإني على هجرانه عبد وده ... فمن لي بمولى يرتضي رد عبده .
وأنشدني لنفسه أيضاً : .
أتاني حبيبي بعد طول ازوراره ... وقال : فمي ذقه فريقته قهوه .
فقلت له : مولاي صدغك أشتهي ... فقال : هنيئاً لا خصومة في الشهوه .
ومن نتفه المليحة : .
حديث له حلو بماذا أقيسه ... فقد جاز حد الفهم والوهم والصفه .
وهل ينبغي إلا كذاك مقالة ... تمر بذاك الريق والثغر والشفه .
وله في مجلس الأنس بديهةً بين يدي الشيخ أبي نصر أحمد بن الحسين رحمهما الله : .
غداً نكون معاً يا طيب شرب غد ... في خير أنس وأهنا عيشة رغد .
إذا تبسم نحوى الراح عن درر ... عرفت من ضحكها بشرى بشرب غد .
وله في وصف الساقي والخمر وهو من بدائعه : .
ساق إذا رأت الصهباء مبسمه ... تعرقت حبباً من شدة الخجل .
وأنشدني قول الوأواء الدمشقي : .
وأسبلت لؤلؤاً من نرجس وسقت ... ورداً وعضت على العناب بالبرد .
فأنشدني لنفسه ما زاد عليه فيه وهو : .
جنى بنفسجة من ورده عنم ... وصب دراً على الياقوت من سبج .
وقال يهجو : .
لمت زيداً على خمود الحميه ... فتلظى من شدة العصبيه .
قال : لو كان في الحمية خير ... لم تسم الحمية الجاهلية .
وله أيضاً يهجو : .
أبو سعيد شكل بطيخةً ... ولو غدا بطيخةً لم يشن