رحمة الله عليه هو كما قال فيه العميد القهستاني إمام مرو وحبرها الرباني . وقد لقيته بمرو سنة سبع وأربعين وأربعمئة يوم جمعة قضى فيه حق زيارة السيد ذي المجدين أبي القاسم علي بن موسى الموسوي أدام الله جماله والمجلس غاص يشحنه من المراوزة عام وخاص . واتفق حضوري في جملتهم فالتقى سهيل والثريا وتصافح الماء والحميا . وقلت : هذا يوم مجموع له الناس واتفاق حسن يحصل بمثله الاستئناس . وأبرزت القصيدة التي عملتها برسم الخدمة النبوية وهي : .
حبالك من تحت ذيل الحبي ... شعاع كحاشية المشرفي .
أعاد طراز رداء الهوى ... ولكن تردى وشيك الهويّ .
وأطلع في جنح ليل السحاب ... صباحاً مضياً وشيك المضيّ .
هي النار تعبد لا للصلاة ... إليها وتعمد لا للصلي .
ولكن إشراقها موهم ... بإيماض ثغر لسعدى نقي .
ذكرت عرارة نجد وعز ... شميم العرارة بعد العشي .
وجدد شوقي وراء الضلوع ... بلى الربع من بعد أخذي بليّ .
ومن لي بسعدى ومن دونها ... وقد حجبت خلف مرمى قصي .
نعيب الغراب ونبح الذئاب ... وحرش الضباب ووخد المطي .
يقشر بالضرب منها اللحى ... ويشغل عن ضربها باللحيّ .
وترمي قوائمها كالسهام ... وتبرى هيا كلها كالقسيّ .
ببهماء أحشاء أحسائها ... تشكت إلى الركب وقع الدلي .
تظل القطا وهي أهدى الطيور ... تضل بها كالغوي الغبي .
إلى مثلها طال باعي وطاب ... لجني اجتناب الفراش الوطي .
وأسكرني شرب كأس السرى ... على عزف جنيها الجهوري .
وسقت الركائب حتى أنخن ... بسبط الأنامل سبط النبي .
علي بن موسى مواسي العفاة ... أبي القاسم السيد الموسوي .
خصيب الثرى غض نبت المراد ... رحيب الذرى عذب ماء الركي .
طمى بالندى واديا راحتيه ... فطم على آجنات القري .
وهذه قصيدة طويلة فلما انتهيت إلى قولي فيها : .
معاد معاديه مهما طوى ... على بغضه القلب قعر الطوي .
وأمثل أحوال أعدائه ... وكلهم نهب داء دوي .
عصي مكللة بالرؤوس ... وروس مكللة بالعصي .
صفق القاضي أبو منصور السمعاني بيديه وقال : عين الله عليه وأثنى علي في ذلك المجلس الغصان بمثل ما أثنى به حسان على آل غسان وقال في بديهة وتواضع بذلك : .
حسن شعر وعلاً قد جمعا ... لك جمعاً يا علي بن الحسن .
أنت في عين العلا كحل ومن ... ردّ قولي فهو في عين الوسن .
وقلت أنا فيه : .
شغلت بسمعاني مرو مسامعي ... فحزت المنى من أوحد العصر فرده .
وألبست زياً من نسائج وشيه ... وقلدت سمطاً من جواهر عقده .
وسرحت منه الطرف في متواضع ... أتى نحوه الجبار وهو ابن عبده .
فبات عزيز العيش في بيت عزه ... وظل قرير العين في ظل مجده .
وحضرت يوماً مجلسه على حين غفلة منه وهو يعظ الناس بألفاظ تهدي إلى السامعين هدو الجوانح وسكون الجوارح وتحل العصم سهل الأباطح . فلما فرغ ونزل قمت إليه وسلمت عليه فقال : مثلك إذا عثر صديق له أقال . وحلف عليّ لأنبهنه على سهو ربما جرى على لسانه أو غلط يدفع بمثله عين الكمال عن إحسانه . فقلت : معاذ الله أن أكون منك بهذه المنزلة . ثم قال : لو علمت بحضورك لحبرت المجلس تحبيراً . ومما أنشدني لنفسه بعدما رواه لي غيره عنه قوله : .
الحمد لله على أنه ... لم يبلني بالماء والضيعه .
فالماء يفني ماء وجه الفتى ... وصاحب الضيعة ذو ضيعه .
محمد بن الحسن المروزي .
من قدماء المراوزة في أوائل هذا العصر . أنشدني القاضي أبو جعفر البحاثي قال : أنشدني الفقيه أبو نصر محمد بن الحسين الكافي له : .
ضيعت فيك إلى ذا اليوم أيامي ... وعفت غيرك حتى عفت إسلامي