وله في عيادة بعض السادة : .
هنيئاً لك يا سي ... دنا ما أنت شراب .
وأرجو أن جلاب ... ك للصحة جلاب .
وله من غزلياته قوله : .
بعمي وخالي ذلك الخال إنه ... ختام على ماء الحياة لشاربه .
وقد زيد في ياقوتتي شفتيه لي ... ودر ثناياه زبرجد شاربه .
أواحد قلب الصب ثاني روحه ... وثالث عينيه رويد الجفاء به .
وكتب على رقعة وعلقها فوق المجلس الذي كان يدخل إليه أصحاب الخفاف فيه ليكون مسداً لذلك الباب ومزجرة لأولي الألباب .
إلى الله شكواي من عصبة ... يدوسون دستي وكبدي بها .
فيا رب سلط عليها يداً ... على مردها وعلى شيبها .
تحسن تأديب تلك الرؤوس ... بها لإساءة تأديبها .
ومن غزلياته قوله : .
بنفسي وجهك ذاك الذي ... يؤثر للطف فيه النظر .
كوجه المراة تنفست فيه ... فأبقى التنفس فيه الأثر .
وكتب إليه أبو محمد الحسين بن تميم : .
قل للعميد ولست معتمداً على ... خلق سواه فلا سبلت عمادي .
اطعم هنيئاً إن ضيفك جائع ... واشرب مريئاً إن ضيفك صاد .
أغدو إليك كما أروح على جوى ... وطوى فقل في رائح أو غاد .
فأجاب أبو بكر : .
لبيك يا مولاي بل سعديك من ... لفظين ؛ تلبية ومن إسعاد .
لا اشربن ولا أكلت على الصدى ... والجوع غير دمي وغير فؤادي .
قلت : وأنا متخلص من ذكر هؤلاء الخمسة إلى ذكر صدرين كانا من أركان الحضرتين وأعيان الدولتين . ولهما عندي أياد أعد منها ولا أعددها .
أحدهما : .
شيخ الدولة ثقة الحضرتين أبو الحسن .
علي بن محمد بن عيسى البركردزي .
خدمته وله همة تنطح الجوزاء بالقمم ومحل يعصر عنقود الثريا تحت القدم : .
ولي فيه ما لم يقل قائل ... وما لم يسر قمر حيث سارا .
وهن إذا سرن من مقولي ... وثبن الجبال وخضن البحارا .
وكان Bه في السخاء ضرة البحار وفي الاشتهار شمس النهار . جامعاً بين أدبي البنان والبيان على طرفي القلم واللسان . وكان الغالب عليه علم الحساب كما قلت فيه من أبيات : .
لولا غنى الجبار عن خلقه ... لكان مستوفي يوم الحساب .
وقد ملح الأديب البارع الزوزني حيث قال فيه : .
وقالوا : إمام في الحساب مقدم ... فما باله يعطي بغير حساب .
وكتبه الفارسية بله العربية مدونة في الأوراق منقشة على الأحداق . وله فيها فن لا يحيط به ظن وأسلوب من كافة أهل الصناعة مسلوب . وكانت لي وراء رأيه مواعيد الإقبال لو أرخي له طول البقاء لطويت يدي منها على النعمة البيضاء وسرحت سوام رجائي في الروضة الخضراء . ولكن الأجل غامض ذاك الأجل . ففارقنتي أمطار بنانه وإن لم تنضب عني أمواه غدرانه وقي بقاء أيام الصاحب نظم الملك تدارك للفوائد والفوائت وأعواض لذواهب الأعراض ولي لأزمة النعم المصرة على الإعراض وقرطسة لغوامض الأغراض . والله تعالى بفضله وكرمه ورحمته يحرس الباقي ويرحم الماضي ويمهل الأيام النظامية من غير أن تسيء التقاضي .
وليس يحضرني من شعر شيخ الدولتين إلا أبيات له في الشيخ الفقيه أبي الفتح الصيمري الذي سبق ذكره . وقد عنّ له في بعض الطرق أشعث أغبر مشوش العمامة معشب الهامة قد لفّ بدنه في شمل من الثياب كالصارم أغمد على صداه في القراب بأظفار لم يقطع الحديد من أجرام بدورها هلالاً وأسنان كأنها لم تعرف قط سواكاً ولا خلالاً . حتى تأدت به الحال من عدم التقشف إلى الافتضاح والتكشف . وقال فيه شيخ الدولتين C : .
بنبي الهدى وحق ذويه ... ساءني ما رأيتك اليوم فيه .
من تراخي العظام عند قيام ... وفتور الكلام مع ما يليه .
تفث المرء حين يقضي حلال ... وجمال يحق أن يقتنيه .
فاقضه لا عدمت وجهك تسلم ... من خلال تزري بكل وجيه .
قلت : قد أحسن في الاقتباس من كلام رب الناس حيث يقول جل وعز : " ثم ليقضوا تفثهم " .
والآخر : .
عميد الملك .
أبو نصر منصور بن محمد الكندري