في غمرة من فيض كفك شاكر ... نعماك مذك من ثنائك مجمرا .
أهتز حين أراك فرط محبة ... فرحاً بوجهك ضاحكاً مستبشرا .
ومتى بعدت غضضت طرفي واجماً ... ونكست رأسي ذابلاً متكسرا .
فاسق الصنيعة إن أردت نماءها ... ما غرسك الممنوع ماء مثمرا .
إن الزمان زمان سوء فاغتنم ... فيه الجميل مبادراً أن يغدرا .
وإذا قدرت على اصطناع فابتدر ... وتوله من قبل أن لن تقدرا .
إن الألى ثلموا لديك مودتي ... عمدوا إلى علياء شماء الذرا .
نشروا هباء أن رأوك أضاتني ... شمس الكفاة ولفقوا كذباً فرا .
وأراك مثل الظل يا شمس العلا ... معهم تميل أليس ذلك منكرا .
أنا ما قنصت عبودتي لك عدّ عن ... غيري فكل الصيد في جوف الفرا .
أزرى بقدري أن تراك ملكتني ... والشيء تملكه بعينك مزدرى .
ولو أنني من غير أرضك لم يكن ... أحد يوازيني لديك كما ترى .
لكن سهم القرب خاط طائش ... ولقد تنال العين إلا المحجرا .
وكذاك عود الهند في بلدانه ... حطب الوقود به يباع ويشتري .
وعساي إن وليت عنك برحلة ... ثم انصرفت حظيت منك موقرا .
فالبحر يصعد قطره في مزنه ... ويعود حين يعود فيه جوهرا .
قلت : تعالى الله ما أعلى هذا الكلام وأحسن هذا النظام : .
ووالله ما أدري أزيدت ملاحةً ... وحسناً على النسوان أم ليس لي عقل .
وله من قصيدة إلى المرتضى الموسوي البغدادي يقول في تشبيبها ما لم أسمع بمثله في الاعتذار عن المنام والتورية عنه بمعاريض الكلام : .
أراعي نجوماً من دموعي طوالعاً ... ضللت بها صبري وبالنجم يهتدى .
ولم أبق بعد الظاعنين فديتهم ... لأبقى ولكني لأشقى وأكمدا .
رأى طيف سعدى غضي الطرف أن يرى ... سواها فظنت لي لواحظ هجدا .
وما نمت لكن مات إنسان ناظري ... فبوأته من جفن عيني ملحدا .
فردت وما ردت جواب تحيتي ... وما ضر سلمى لو أجابت مسلّما .
فما ذقت إلا ماء عيني مشرباً ... وما نلت إلا لحم كفي مطعما .
وله أيضاً : .
إن شباباً وإن خمرا ... وإن لي فيهما لأمرا .
ما أنا والنسك والتقري ... وإن زيداً وإن عمرا .
معصية اللائمين فيها ... فهي وكلتاهما وتمرا .
يا لائمي والملام لغو ... لأشربن ما حييت خمرا .
ما أنت مني ولم فقل لي : ... تغمرني بالملام غمرا .
يقال : أطعم أخاك تمرا ... فإن نبا أو أبى فجمرا .
دعني لشأني وحال بالي ... لا تمطرني الهموم همرا .
فالراح راح لكل روح ... لا تسددنه علي سمرا .
فإن تساعد بها هنياً ... أو لا فأهنا لها وأمرا .
العيش راح فخذه شرباً ... أو لا فريح فخذه زمرا .
وأنشدني لنفسه يهجو بعض الفقهاء : .
لنا عالم يؤتى فيأتي بحجة ... على ذاك من أخبار علم وآيات .
وقلنا له : الإسلام يعلو ولم يكن ... ليعلى فقال : العلم يؤتى ولا ياتي .
وأنشدني ايضاً لنفسه : .
هذا ابن ماتي تائه في عجبه ... متبذخ متنفخ جبروتا .
يأتي إلى الأحرار يقعد فوقهم ... وينام من تحت العبيد فيوتى .
وله في معنى وفاه حقه : .
وإني ؛ ولا كفران لله مالك ... عناني أهديه القناعة مذهبا .
يكلفني قوم تكاليف عيشهم ... لكيما ينالوا خفض عيش وأنصبا .
أأشقى بنيران ليسعد صاحبي ... بضوء وطيب كالذبالة والكبا .
كما الفلك الأعلى يدور على الورى ... ويهدي لهم شمساً وبدراً وكوكبا