أَأَنتنَ أنْجُمُ ذا الجَوِّ أمً ... بُروجُ النُّجومِ جَلا بيبُكُنَّه .
ولم أَرَ غِيداً سِواكنَّ مِسنَ ... فأَشْبهنَ في لِينهِنَّ الأعِنَّه .
فَضَحنُنَّ بالكُحلِ أدْمَ الظِّباءِ ... وعِبتُنَّهُنَّ بأجيادِ كُنَّه .
أَلَستُنَّ كنتنَّ قُلتُنَّ لي ... بأن لا تَحوُلنَّ عن عَهدِكُنَّه .
فَيا ما أعيذِبَ ألفاظَهُنَّ ... ويا ما أُميلِحَ ألحاظَهنّه ! .
إذا رُمنَ ظُلماً فَسُلطانُهُنَّ ... عَلَينا مَلاحَةُ أحداقِهِنّه .
بَرَزنَ لنا عَطِراتِ الجيوبِ ... بِسَفْحِ العِراقِ ووادي بُوَنَّه .
فَعطَّرنَ من ريحهِنَّ النَّسيمَ ... وأبدَيْنَ مِن لَوعَتي المُستْكِنّه .
فلِلّه هاتا غَداةَ انقضتْ ... بِطاعِتنا وبعصيانهنه .
وصهباء تغدو لشرابها ... إذا ابتكروها من الهَمِّ جُنّه .
تَروحُ عَلَينا بأقداحِها ... حِسانٌ حَكَتُهنَّ مِن نَشرِهِنّه .
نَواعِمُ لا يَستطِعنَ النُّوضَ ... إذا قُمنَ من ثِقل أردافِهنّه .
حَسُنَّ كحُسنِ ليالي العَزيزِ ... وجِئْن بِبَهجَةِ أيّامهنَّه .
إمامٌ يضنُّ على عِرضه ... ولا يَعتَريهِ على المالِ ضِنَّه .
فسلْ هَلْ غَدَتْ قَطُّ أموالُهُ ... وأمسَينَ في جُودِه مُطمئَة .
وسَلْ هل وَأَتْ قَطُّ أَرماحهُ ... عُيونَ العِدا غَيرُ زُرقِ الأسنه .
سَحائبُ كفَّيْهِ مُنهَلَّةٌ ... عَلَينا بمَعروفِه مُرجَحِنَّه .
مَنعتَ الخلافةَ منعَ الأسودِ ... إذا ما غَضِبنَ لأشبالِهنَّه .
وأمضيتَ عَزمكَ حتّى أخفتَ ... بهِ في بطونِ النَّساءِ الأجِنَّه .
كلا راحَتَيكَ نَدىّ أو رَدىً ... كأنَكَ للناسِ نَارٌ وجَنّه .
يليقُ بكَ المُلكُ حُسناً كما ... تَليقُ المَعالي بأربابِهِنَّه .
وإنّي وإن كُنتُ نَجلَ المُعِزِّ ... لَعَبدُكَ والحقُّ ما لَم أُجِنَّه .
رأى الخيرَ مَن أضمَرَ الخَيرَ فيكَ ... وكُوفِئ بالشَّرِّ مَنْ قَد أكَنَّه .
ورأيت له هذه الأبيات في بعض التعاليق وهي مستوفية لجمل الجمال وإن كانت من عداد التَّفاريق : .
ما بانَ عُذري فيهِ حتّى عُذِّرا ... ومَشى الدُّجى في خَدِّهِ فَتَبَخترا .
همَّتْ تُقَبِّلهُ عقاربُ صُدغِه ... فاستلَّ ناظِرُه عليها خَنجَرا .
قوله : همت تقبله عقارب صدغه كناية حسنة عن عطفة الصُّدغ يدل على من انعطافها بحيث دنت من الشفة وكادت تقبله وكأن انعطافها إلى جانب المقبل منه طمأ منها إلى التقبيل . وقلما تتفق مثل هذه الاستعارة من هذا القبيل . عاد الشعرُ .
والله لولا أن يقالَ : تَغيّرا ... وصَبا وإنْ كانَ الثَّصابي أجدرا .
لأعدتُ تفاحَ الخُدودِ بنفسَجاً ... لَثماً وكافورَ التَّرائِبِ عَنبَرا .
أبو القاسم الوزير المغربي .
قرأت من رسائل أبي العلاء المعري إليه ما نبهني عليه وعرفني درجته في البلاغة واختصاصه من صناعة النظم والنثر بحسن الصياغة وكان يلقب بالكامل ذي الجلالتين . ولم يقع إلي من شعره إلا ما أنشدنيه الأديب مسعود بن أحمد النيسابوريُّ .
قال : أنشدني أبو الحسن عليُّ بن محمد البغداديُّ له في غلام يسبح ليعبر : .
عُلِّمتُ منطق حاجبيهِ ... والبينُ يَنْشُرُ رايَتيهِ .
ولقد أراهُ في الخَليجِ يَشقُّه مِن جانِبَيهِ .
والنهرُ مثلُ السيفِ وه ... و فرِندُهُ في صَفحَتيهِ .
قلت : هذا لعمري أفضل تشبيهٍ مالهُ شبيه وتمثيل هو لمخترعه مجد أثيل : .
لا تشربوا من مائِهِ ... أبداً ولا تردوا عليه .
قد دبَّ فيهِ السحرُ مِنْ ... أجْفانه أو مُقلتيهِ .
ها قَد رَضِيتُ من الحَيا ... ةِ بنظرةٍ منِّي إليهِ