أنشدني لنفسه بمرور سنة أربع وأربعين وأربعمئة قوله : .
رجوتك حيناً والرجاء وسيلة ... وحسبك لوماً أن تخيب راجيا .
ووالله لا تبقى على الحرّ نعمة ... فجد واغتنم شكراً على الدهر باقيا .
وقوله أيضاً : .
إذا أنا لم أهتز للجود والندى ... فمن ذا الذي يهتز يا أم مالك .
ذريني وإنفاقي لمالي على العلا ... ورأيك فيما اخترت من حفظ مالك .
فجود يميني عادة عرفت بها ... وكل يمين لم تجد كشمالك .
وما أنا ممن ينتهي عن سماحة ... بنهيك إذ تنهينني بجمالك .
ولا عذل ربات الجمال بمانعي ... مكارمي اللاتي سرت في الممالك .
ومهما يضيق حالي وأنكرت عيشتي ... فلي فسحة الأرض ذات المسالك .
وقوله : .
أليس عجيباً أنّ مثلي خاضع ... لمثلك والأملاك حولي خضع .
وأنك تعصيني وتملك طاعتي ... وأملاك هذا الدهر لي منك أطوع .
وبي نخوة عند الملوك وعزة ... على أنني أخشى لديك وأخشع .
ولولا الهوى ما قادني لك قائد ... ولكنه ما شاء بالحر يصنع .
وقوله : .
يا أضعف العالمين وصلاً ... وأشغف الناس بالفراق .
ومن غرامي به شديد ... ليس يداوى بألف راق .
ومن لحاني على هواه ... أهل خراسان والعراق .
إن كان لا بد من فراق ... فعن وداع وعن عناق .
وزورة ترغم الأعادي ... وخلوة حلوة المذاق .
وقوله : .
بينا نرجي إياباً من أحبتنا ... ونستعد لأن نلقاهم زمرا .
إذ قام ناعيهم فينا فصبحنا ... من نعيهم بدواه تكسف القمرا .
يا حسرة إذ رجونا الالتقاء غداً ... والموت مستدرج يمشي لنا الخمرا .
وله أيضاً : .
ما لي وللعلة لازمتها ... ولازمتني كلزوم الغريم .
كأنها عافت لئام الورى ... ثم اصطفت كل صفي كريم .
قال الأديب يعقوب بن أحمد النيسابوري واللفظ من هاهنا له : ما أحسن ما اعتذر للعلة عن جناياتها عليه وإساءتها إليه بلفظ يتضمن امتداح أصله وشرف عرفه والمعنى الذي أشار إليه كما قال المتنبي في قصيدة له : .
ومنازل الحمى الجسوم فقل لنا : ... ما عذرها في تركها خيراتها .
وزائرة المتنبي عافت ما بذل لها من المطارف والحشايا فباتت في عظامه . وهذه عافت لئام الورى واصطفته لإعظامه . وأنشدني له الأديب يعقوب بن أحمد قال أنشدني لنفسه : .
لقد حسدت قوم بلوغي من العلا ... مبالغ لا يرجون شقّ غبارها .
وهل يلزم السارين وصماً على السرى ... رجال تحب النوم في عقر دارها .
وحدثني الأديب يعقوب بن أحمد أيده الله قال : كان بين يدي السيد الرئيس كتاب وكنت أنظر في عنوانه فقال : يعنيني كأنه نسي اسمي فهو يريد إثباته بالنظر فيه . فنظمت بيتين ليعلم أن اسمه السامي مثبت في أول السطر من صحيفة الصدر لا تمحوه يد الزمان ولا يستولي عليه سلطان النسيان وهما : .
يقولون لي : هل للمكارم والعلا ... قوام ففيه لو علمت دوامها .
فقلت لهم والصدق خلق ألفته ... علي بن موسى الموسوي قوامها .
قال : ثم قلت بعد شاهداً بجود يديه بالإمامة ومفضلاً إياه على صاحبيه حاتم وابن مامه : .
بذي المجدين سيدنا ... ومولانا أبي القاسم .
علي من غدا ركن ال ... علا ثغر الندى باسم .
فكعب دون كعبيه ... ومن غلمانه حاتم .
فإن الجود موروث ... له من جده هاشم .
وله فيه أيضاً : .
يقول صديق لي : دلني ... على برمك الجود أو حاتم .
فقلت وأقسمت برب العلا ... علي بن موسى أبو قاسم .
السيد العالم شرف السادة أبو الحسن .
محمد بن عبد الله الحسيني العلوي البلخي