بقيتَ لنا تَجوزُ مدى المَعالي ... فإنّك ما بقيتَ لنا بقينا .
أبو منصور الجعفريّ .
وأنشدني الحسن بن أحمد السمرقنديّ المحدِّث قال : أنشدني أبو عليّ الطاهريّ قال : أنشدني الجوهريّ لنفسه : .
أذابَني فِكْرتي في أمرِ آخِرتي ... فلم أُبالِ بضيقٍ عشتُ أم رغَدِ .
إنْ كنتَ تَطمعُ في نَيلِ النَّجاة غداً ... فخُذْ بجِدِّكَ في ذا اليومِ أمرَغدِ .
الإمام أبو الحسن نصر بن الحسن المَرْغِينانيّ .
ورد زوزنَ في أيام رئيسها أبي القاسم عبد الحميد بن يحيى رحمة الله عليهما . وصار بوروده مجلسه أقربَ إليه من حبل الوريد ووزن بكفّه فضلاء زوزن فكان أرجح منهم وأوزن . وأقام بها مدة ثم استصحب بها عدة ثم انصرف حميد الحالتين حضراً أو سفراً مثْقل الظهرين شكراً ووَفْراً وهو ذو قلمين نظماً ونثراً . فمن ألفاظه المنثورة قوله : " المجالس أحلاها أخلاها " . وله في صفة مومسةٍ غير مونسة " " ما دامت حيةً تسعى فهي حيةٌ تسعى " .
أنشدني الفقيه إبراهيم بن أبي نصر الهلاليّ الباخَرزيّ قال : أنشدنيه بزوزنَ لنفسه يعاتبُ بعض أصدقائه : .
مَهلاً أَطلْتَ عُقوقَنا مُتجبِّراً ... ولقد مَطَلتَ حقوقنا متعذِّرا .
قلت : ليس هذا الكلام في السلاسة إلاّ نثراً مرصّعاً مُقفّى من غير تعسُّفٍ ولا تكلُّفٍ .
وله : .
إذا ما العاذِلاتُ ذَممْنَ بَذْلي ... عصَيتُ العاذِلاتِ وصُنتُ نفسي .
وخِفتُ النارَ من شُحٍّ مُطاعٍ ... وعِفتُ العارَ من مَنْعٍ وحَبسِ .
وله : .
نعيمُ البَعضِ عندَ البعض بؤسُ ... وسَعدُ البعْضِ عند البعض نَحسُ .
سَقانا الدهرُ أرْياً بَعدَ شَرْيٍ ... فصِرْنا من كلا طَعميْهِ نَحْسو .
ألا لا يغلبنْكَ اليومَ يأسُ ... لعلَّ الدهرَ ما قد شَجَّ يأسو .
وله : .
لا تهنّى مَن تمنّى ... معَ نَفْسٍ جاهِلَهْ .
أنْ يساوي مَن تَعَنَّى ... في نفيس الجاه لهْ .
وكأنه سمع بما يُحكى عن الإمام أبي الطيّب سهلٍ بن محمد بن سليمان الصعلوكيّ أنه كان يقول : .
تَعدَّى من تمنّى ... أنْ يكونَ كمن يَعنّى .
فنظمه بهذين البيتين له وزاد عليه بهذا التجنيس الأنيس . وله في مدح بعض الكُبراء : .
نسيمُ الشمال وطيبُ الشَّمول ... بجَنب شَمائِلكَ الزاكيَهْ .
كَحالِ الشِّمالِ بجَنْب اليَمين ... وحالِ السَّقامِ معَ العافيَهْ .
وله في الغزل : .
كم ليلةٍ بِتُّها والإلفُ يلْثمُني ... ألْفاً ويلزَمني كاللام والألِفِ .
وله من نسيب قصيدة : .
ذَوائبُ سُودٌ كالعَناقيد أُسبلَتْ ... فمن أجلها منها النُّفوسُ الذوائبُ .
ومن أخرى : .
عَجبتُ لنفسي كيفَ تسعى بروحِها ... وليس لروحي مَعلقٌ من حِبالها .
ومن أخرى : .
صارَمَتني مثلَ قَوسٍ ... نُزعتْ مذ صارَمَتني .
وله في الحكمة والموعظة الحسنة : .
سأجعلُ هَمّي في عِمارة مَنْهجٍ ... أضاءتْ لنا أعلامُه ومَراسمُهْ .
وإنّ كريمَ القوم مَنْ إنْ أتيتَهُ ... لنطلُبَ نَيلاً بشَّرتْك مباسمُهُ .
وله يصف الدنيا : .
فإنْ تجتنبْها كنتَ سِلماً لأهلها ... وإنْ تجتذبْها نازعتْكَ كلابُها .
وله يفتخر بالعِلم : .
إذا ما أُناسٌ فاخَرونا بمالهم ... فإنّي بميراثِ النبيين فاخِرُ .
ألم ترَ أنّ العلمَ يُذكرُ أهلُهُ ... بكلّ جميلٍ فيه والعظمُ ناخِرُ .
سقى اللهُ أجْداثاً أجَنَّتْ مَعاشراً ... لهمْ أبحرٌ من كلّ علم زواخرُ .
وله في ذمّ الدنيا وتلوّنها : .
إنْ تَرَ الدنيا أغارتْ ... ونجومُ السَّعدِ غارتْ .
فصروفُ الدهر شَتّى ... كُلّما جارتْ أجارتْ .
وله : .
ودِّعْ شبابكَ إذ رَحَلْ ... ودَعِ الغَزالَ مع الغَزَلْ .
واستغْنِمِ الشَّيبَ الذي ... أهدى وقارَكَ إذْ نَزَلْ .
أقبِحْ بشيخٍ مُحصَدٍ ... ركبَ البَطالةَ أو هَزلْ .
وله من قصيدة أجاب بها عن القصيدة الواردة من الروم أوّلها :