وقد زانها إذ حلَّ عَرْصةَ دارها ... إمامُ الهُدى فخرُ الأنام الموفّقُ .
به أرضُ نيسابور تاهت وأشرقت ... وفاضتْ سُيولٌ بالندى تَتَدفّقُ .
إمامٌ له في الفَضل دعوى مُسلَّمٌ ... وفي مشكلات العلم قولٌ مُصدَّقُ .
إذا هو أفتى في المسائل سائلاً ... تراهُ كأنّ الحقّ من فيه ينطق .
يجودُ بمَضنون الرغائبِ كفُّهُ ... فسائله في مَوجِ نُعْماهُ يَعْرقُ .
له من أخرى : .
هِمةٌ في العُلا تَفوتُ الثُّريّا ... وهْوَ فوق الثَّرى يحثُّ جوادَهْ .
ليس يطوي على الضَّغائنِ كَشْحاً ... لا ولا يجعلُ الفَسادَ وِسادَهْ .
وكتب إلى القاضي أبي الوزير الكسائيّ يستهديه الفَحمَ : " أشتهي أطال الله بقاء القاضي الإمام زنجيّ اللون فاحمَ الجلباب حَبشيّ الجسم مسودَّ الإهاب . تجلّى في لباس بني العبّاس واختال بين الناس في معرض الأنقاس ؛ تتقلّب في أحواله وتختلف باختلاف أفعاله فتارة يظهر في ثوب سواده ومرةً يروق الناظرين بحُمرة اتّقاده وطوراً يحتجب عن الأبصار برماده . فهو مُروّة الدهّاقين ومُنية المساكين . فإذا نزل بساحتهم مشتِملاً ببُرده صدر الثناء ببرْده وعاد الربيع بورده . طلوعه سعدٌ وهو فاكهة وورد ونار ونور وغَمٌّ وسرور . يؤذي بلمسه ويُدفئ بطلوع شمسه وهو في الشتوة نقل ظريف وفي الوحدة مؤنس لطيف " .
علي بن أحمد البخاريّ الخَوارزميّ .
رأيت له في الصاحب نظام المُلك قصيدة مطلعها : .
زادَ الإلهُ نظامَ الملك مولانا ... في العزّ عِزّاً وفي التمكين إمكانا .
وحاطَهُ وتَولاّه برحمته ... وزاد أعداءه خِزياً وخِذلانا .
لئنْ طغى الماءُ في أوطاننا وغدتْ ... جُدرانُها بقضاء الله جُذْرانا .
فالله عوّضنا من فضل رأفته ... أبا عليٍّ نظامَ المُلك مَولانا .
أحييْتَ علم ابنِ إدريسٍ وقد دَرستْ ... أوطانُ أصحابه بُوركْنَ أوطانا .
فنحن نرتعُ منه في الرِّياض لدى ... أقضى القُضاة جَزاه الله إحسانا .
أبو محمد المَروانيّ النَّسَفيّ .
أنشدني الشيخ السمرقنديّ له : .
لستُ ما عشتُ بسالِ ... عنكَ يا عَينَ الجَمالِ .
فتداركْني بعطفٍ ... قبلَ أن يفسُدَ حالي .
ولقد أورثْتَ قلبي ... حُرقةً ذات اشتعالِ .
فالنَّوى ألْوتْ بجِسمي ... والهوى أكسفَ بالي .
أبو زكريّا يحيى بن الحسن .
ابن خلف بن شاهد النسَفيّ . من جيّد شعره قوله : .
كأمثالكم كُنّا نُسرُّ بعيشنا ... ونغترُّ في ظلِّ النعيم بدهرنا .
ففرَّقَنا دَهرٌ خَؤونٌ وأنتُمُ ... على إثرنا يا قَومُ فاعتبروا بنا .
أبو العباس المستغفريّ النَّسفيّ .
هو جعفر بن محمد إمام نَسفَ وخطيبُها ومفْتيُّها ومن لا تكاد تجد مثله فيها . أنشدني الشيخ أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي المحدّث بنيسابور قال : أنشدني المستغفريّ هذا لنفسه : .
جُزتُ الثمانينَ من عُمْري وأحوالي ... وفُقْتُ في العُمر أعمامي وأخوالي .
ما عاشَ ما عشتُ منهمُ واحدٌ فلقد ... خُصِصتُ من ربّي المُسْدي بأفضال .
الشيخ أبو الحسن الخَوارَزْميّ .
قال القاضي أبو جعفر محمد بن إسحاق البحاثيّ C : كتب إلى أبو الحسن بهذه الأبيات لمّا انصرفتُ من نَسا : .
أقرَّ اللهُ ربُّ العالمينا ... بعَودِكَ أيّها القاضي العُيونا .
تَغَيَّبَ منذ غِبتَ الأنسُ عنّا ... وأُبْتَ فآبَ كلُّ الأُنس فينا .
وكانَ نهارُنا ليلاً بَهيماً ... فأضحى ليلُنا صُبحاً مُبينا .
تجلّى وجهُك الوضّاحُ فينا ... فأجلى الهَمَّ عنّا أجْمعينا .
وبشَّر بِشرُك الأحرارَ طُرّاً ... فأضحى كلُّهم مستبشِرينا .
فيا لكَ أوبةً أوْفتْ بنُعمى ... بها لله ظِلْنا شاكرينا .
ومن يَكُ مثلُ فضلكَ فيه يأبى ... عُلاهُ له شَبيهاً أنْ يكونا