هلْ لظلامِ الليلِ من حادِ ... أو لضلال الصُّبح من هادِ .
أينَ نسيمُ الريحِ مُستحْقِباً ... أعلامَ ضوءِ الفلَقِ البادي .
أهلاً به إنْ كان يُهدي الصَّبا ... تحيةً من فلَجِ الوادي .
كم ليلةٍ بتُّ لميعاده ... منتصِبُ المسمع والهادي .
شائمةٍ منه عيونُ المُنى ... خُلَّبَ ميقاتٍ وميعادِ .
ومنها في المديح : .
يا أيُّهذا القمرُ المُجتلى ... بين ظلام الزمن الغادي .
أخلِقْ بذاكَ الدَّستِ بُرجاً فقد ... حفَّ بضوءِ القمر البادي .
وأنشدني الشيخ أبو عامر قال : أنشدني لنفسه قوله : .
أنا الرَّميُّ بسهم اللَّحظِ إذْ رَشَقا ... فلم يُدرّعُ من أصداغه الحَلَقا .
وكيفَ والقمرُ الوضّاحُ وجنتُهُ ... أصبحتُ محترق الأحشاء مُختنقا .
وقوله : .
قد كان برَّحَ بيَ العشقُ التليدُ فمن ... يُجيرُني من جديدٍ فيه مُطَّرَفِ .
آذتْكَ عَوداً على بَدءِ محبَّتُهُ ... والنُّكْسُ في كل داءٍ واعدُ التَّلفِ .
الحاكم أبو الفضل علي بن أحمد الزيزَكيّ الأستراباذي أنشدني القاضي أبو جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني C قال : أنشدني الحاكم أبو المظفَّر الفضل بن محمد الراوندي الزيزكي قال : وكتبَ إلى بعض الأشراف في علّة عرضتْ له فلم يَعُدْه ثم بعث إليه ببعض الأحداث رسولاً معتذراً عن التقصير الواقع في زيارته : .
هَجرتَ الصديقَ الفقيرَ العَليلا ... وقلت : الذي ناله لن يَزولا .
وأعرضتَ إعراضَ مستحقِرٍ ... ومَن ذا يُجِلُّ الفقيرَ المُعيلا .
وحدَّثتَ نفسَك أنّي أموتُ ... ولم يتعدّى المنونُ العَليلا .
فتُلغى العِيادةُ والاعتذارُ ... إذا سَترَ التُّربُ هذا الخَليلا .
ولمّا سمعتَ بأني برِئتُ ... وأَبلى الإلهُ بلاءً جميلا .
قلبتَ الأمور لتحتال في ... معاذرَ تُسْلي فؤاداً نَحيلا .
وأظهرتَ أنّك ذو عِلةٍ ... بعينيك حاشاك من ذاكَ قِيلا .
وأهديتَ أبياتَ مستغفِرٍ ... وظَبياً مَليحاً رشيقاً كحيلا .
فأغضيتُ عَمّا تجنَّيتَ إذْ ... بعثْتَ بظَبْيٍ مَليحٍ رسولا .
أبو الفرج رشيد بن عبد الله الخطيب .
الطبيب الأستراباذي . أنشدني لنفسه بأستراباذ سنة أربع وأربعين وأربعمائة .
قد وقعَ الصُّلحُ الذي لم يكُنْ ... عنهُ لكَم في الرأيِ مَنْدوحَهْ .
لكنّه صُلحٌ بسينٍ على ... سِبالِكُم والسينُ مفتوحهْ .
وله أيضاً : .
ما لي أرى الدهرَ كالميزان مُعْتلياً ... بناقضٍ وبأهل الفضل مُستَفِلا .
أبو نصر يوسف بن علي الفازِري الأستراباذي .
واسمه يوسف . عاشرتُ هذا الفاضل فوجدتُه كما تشتهي الأنفس وتلَذُّ الأعين . وحدّثني الأديب يعقوب النيسابوري قال : جمعني وإياه مجلس فكان متبحّراً في مذهب العدل ففحصه بعض الحاضرين عن ذلك الفن فقال : قد خَرِسنا عنه بخُراسان . قال الأديب فقلت : والسعيد من ملك اللسان . قال الأديب : وجَمعَني وإياه مائدة فخالفتُ الجماعة في نوع المَطعوم لم يمدَّ إليه سِوايَ فقال أبو نصر : لا تُخالف فإنّك مذكور . قال الأديب : فقلت : والشيخ على هذا الثناء مشكور . وإنما عنى بقوله المثل السائر : " خالف تُذْكَرْ " قال : فشكرته عليه إذ وقفتُ على غَرَضه منه من غير مراجعة فكرٍ أو تخير رأي أو إساغة ريقٍ .
أنشدني لنفسه أيام مُقامه بنيسابور : .
كم نبّهتْكَ أبا الحسين نَصيحتي ... عن غِرّةٍ فأبيتَ غيرَ مَنام .
وكأنني بكَ قد قَرعنَ ندامةً ... سِنّاً ضحكتَ بها على الأيامِ .
قلت : وهذا البيت الأخير مليح جداً . وقد أبى الله للملاحة أن تكون عليه ضداً وأنشدني له أيضاً : .
أبا سَهلٍ حجابُك طالَ حتى ... تَبيَّن منه في العليا قُصورُكْ .
كأنّك ميِّتٌ والدارُ قَبرٌ ... فما تبدو لعيني من يزورُكْ .
وأنشدني لنفسه أيضاً :