أحمد بن علي بن الدباس أبو غالب من أهل الكرخ المعتزلي كان فاضلاً فصيح اللسان كثير المحفوظ للحكايات ورأى المشايخ والأكابر فكان يروي عنهم اللطائف والنكت كتب عنه محمد بن عبد الملك بن الهمذاني صاحب التاريخ وغيره حكايات توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مائة .
المعمم المقرئ .
أحمد بن علي بن هلال بن عبد الملك بن محمد بن علي بن عبيد الله بن صالح بن محمد بن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر أبو الفتوح المقرئ المعروف بالمعمم البغداذي كان شيخاً فاضلاً من قدماء قراء الديوان وكان يغني في صباه مع مظفر التوثي وله معرفة بالألحان صنف " تلقيح الأفهام في معرفة أسرار صور الأقلام " وله شعر : .
يا من إذا ما غاب عن ... عيني فقلبي معه .
صل مدنفاً حسن رضا ... ك فيك قد أطمعه .
صاح به حادي النوى ... فارتاع إذ أسمعه .
شمل المنى مبددٌ ... هل لك أن تجمعه .
قال : أتاني آتٍ في المنام وقال لي : .
أيها الغافل لا يغرر ... ك ذا العمر القصير .
قال : فاسيتقظت وأتمته بقولي : .
واغتنم ما فات منه ... فإلى اللحد المصير .
وأعد الزاد للرح ... لة قد آن المسير .
أوما أنذرك الشي ... ب وقد لاح القتير .
توفي سنة تسع وتسعين وخمس مائة .
البتي .
أحمد بن علي أبو الحسن البتي بالباء الموحدة والتاء ثالثة الحروف المشددة وبعدها ياء النسب الكاتب كان يكتب للقادر بالله لما أقام بالبطحية ولما وصلته البيعة كتب عنه إلى بهاء الدولة . كان حافظاً للقرآن تالياً مليح المذاكرة بالأخبار والآداب عجيب النادرة ظريف المجون وكان في بدء أمره يلبس الطيلسان وقرأ القرآن على زيد بن أبي بلال وكان غاية في جمع خلال الآداب يتعلق بصدور وافرة من فنون العلم ويكتب خطاً جيداً ويترسل وينظم الشعر ثم لبس الدراعة ولبس ملابس الكتاب الأقدمين من الخفين والمبطنة ويتعمم العمة الثغرية وإن لبس لالجة لم تكن إلا مريدية ولا يتعرض لحلق شعره وكان شكله ولفظه وما يورده من النوادر يدعو إلى مكاثرته ولم يكن لأحد من الرؤساء مسرة تتم ولا أنس يكمل إلا بحضوره فكانوا يتداولونه ونادم الوزراء حتى انتهى إلى منادمة فخر الملك فأعجب به غاية الإعجاب وأحسن إليه غاية الإحسان وكان يذهب إلى مذهب المعتزلة في الأصول وإلى مذهب أبي حنيفة في الفروع ويتعصب للطائي تعصباً زائداً ويفضل البحتري على أبي تمام . وكان صاحب الخبر والبريد في الديوان القادري . وكتب فخر الملك أبو غالب إلى عمار بن أحمد الصيرفي : احمل إلى أبي الحسن البتي مائتي دينار مع امرأة لا يعرفها واكتب معها رقعة مترجمة وقل فيها : قد دعاني ما آثرته من مخالطتك ورغبت فيه من مودتك إلى استدعاء المواصلة منك وافتتاح باب الملاطفة بيني وبينك وقد أنفذت مع الرسول مائتي دينار . فأخذها أبو الحسن وكتب على ظهر الرقعة : مالٌ لا أعرف مهديه فأشكر له ما يوليه إلا أنه صادف إضاقة دعت إلى أخذه والاستعانة به في بعض الأمور وقلت : .
ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... سوى أنه قد سل عن ماجدٍ محض .
وإذا سهل الله اتساعاً رددت العوض موفوراً و كان المبتدئ بالبر مشكوراً .
وخرج إليه خادم في يوم الأضحى على العادة في مثل ذلك فقال له : رسم أن تحصي أسقاط الأضاحي فقال لغلامه : خذ الدواة فإن القوم يريدون كيرعانياً ولا يريدون كاتباً وانصرف بهذا المزح من الخدمة . وكان بينه وبين الرضي قد جرى كلام أوجب الإعراض فاتفق أن اجتاز بالقرب من دار الرضي فقال لغلامه : مل بنا عن تلك الدار فإني أكره المرور بها . والتفت فوقعت عينه على عين الرضي فقال متمماً لكلامه من غير أن يقطعه : فإنني لا وجه لي في لقائه لطول جفائه فاستحسن منه هذا ودخل دار الرضي واصطلحا .
ورأى معلماً يعرف بنفاط الجن قبيح الوجه وقد انكشفت سوءته فقال له : يا هذا استر عورتك السفلى فإنك قد أدليت ولكن بغير حجة