قال صاحب القلائد الفتح بن خاقان : لقد رأيت عظمي ساقي ابن عمار وقد أخرجا بعد سنين من حفر يحفر بجانب القصر وأساودهما بهما ملتفة ولباتهما مشتفة ما فغرت أفواههما ولا حل التواؤهما فرمق الناس العبر وصدق المكذب الخبر يعني بالأساود القيود .
وسبب تغير المعتمد على ابن عمار أنه هجا الرميكية وهي اعتماد حظية المعتمد اختارها لنفسه واختار لها اللقب ليناسب لقبه وقال ابن عمار من أبيات : .
تخيرتها من بنات الهجان ... رميكيةً لا تساوي عقالا .
فجاءت بكل قصير الذراع ... لئيم النجارين عماً وخالا .
وقيل أن هذا الهجو وضع على لسانه لإغراء المعتمد به .
ومن شعر ابن عمار القصيدة المشهورة الطنانة التي أولها : .
أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى ... والنجم قد صرف العنان عن السرى .
والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استرد الليل منا العنبرا .
ومن مدحها في المعتمد : .
ملكٌ إذا ازدحم الملوك بموردٍ ... ونحاه لا يردون حتى يصدرا .
أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذ في الأجفان من سنة الكرى .
قداح زند المجد لا ينفك من ... نار الوغى إلا إلى نار القرى .
يختار أن يهب الخريدة كاعباً ... والطرف أجرد والحسام مجوهرا .
لا خلق أقرأ من شفار سيوفه ... إن أنت شبهت المواكب أسطرا .
ماضٍ وصدر الرمح يكهم والظبى ... تنبو وأيدي الخيل تعثر بالبرى .
أيقنت أني من ذراه بجنة ... لما سقاني من نداه الكوثرا .
وعلمت حقاً أن ربعي مخصبٌ ... لما سألت به الغمام الممطرا .
أثمرت رمحك من رؤوس كماتهم ... لما رأيت الغصن يعشق مثمرا .
منها : .
نمقتها وشياً بذكرك مذهباً ... وفتقتها مسكاً بحمدك أذفرا .
فلئن وجدت نسيم حمدي عاطراً ... فلقد وجدت نسيم برك أعطرا .
وقال أيضاً يمدح المعتمد ويذكر فتح ابنه قرمونة : .
نوالٌ كما اخضر العذار وفتكةٌ ... كما خجلت من دونه صفحة الخد .
جنيت ثمار الصبر طيبة الجنى ... ولا شجرٌ غير المثقفة الملد .
وقلدت أجياد الشرى رائق الحلى ... ولا دررٌ غير المطهمة الجرد .
بكل فتىًً عاري الأشاجع لابسٍ ... إلى غمرات الموت محكمة السرد .
منها في ذكر ابنه : .
ببدرٍ ولكن من مطالعه الوغى ... وليثٍ ولكن من براثنه الهندي .
وربّ ظلامٍ سار فيه إلى العدى ... ولا نجم إلا ما تطلع من غمد .
أطل على قرمونةٍ متبلجاً ... مع الصبح حتى قلت كانا على وعد .
فأرملها بالسيف ثم أرعاها ... من النار أثواب الحداد على الفقد .
فيا حسن ذاك السيف في راحة الهدى ... ويا برد تلك النار في كبد المجد .
هنيئاً ببكرٍ في الفتوح افترعتها ... وما قبضت غير المنية في النقد .
وقال من قطعة : .
وعاطلةٍ من ليالي الحرو ... ب اطلعت رأيك فيها قمر .
فإن يجنك الفتح ذاك الأصيل ... فمن غرس تدبير ذاك السحر .
منها : .
فعاقر سيفك حتى انحنى ... وعربد رمحك حتى انكسر .
وكم نبت في حربهم عن على ... وناب عن النهروان النهر .
وقال في فارسين تطاعنا فسبق أحدهما الآخر : .
روى ليضرب فابتدهت بطعنةٍ ... أن الرماح بديهة الفرسان .
ومن شعره : .
عليّ وإلا ما بكاء الغمائم ... وفيّ وإلا فيم نوح الحمائم .
منها يصف وطنه : .
كساها الحيا برد الشباب فإنها ... بلادٌ بها عق الشباب تمائمي .
ذكرت بها عهد الصبى فكأنما ... قدحت بنار الشوق بين الحيازم .
ليالي لا ألوي على رشد لائمٍ ... عناني ولا أثنيه عن غيّ هائم .
أنال سهادي من عيون نواعسٍ ... وأجني عذابي من غصون نواعم .
وليلٍ لنا بالسد بين معاطفٍ ... من النهر تنساب اسياب الأراقم