ولا حظيت بجاه المصطفى أبداً ... ومن أعانك في الدنيا ووالاك .
يا أفضل الرسل يا مولى الأنام ويا ... خير الخلائق من إنسٍ وأملاك .
ها قد قصدتك اشكو بعض ما صنعت ... بي الذنوب وهذا ملجأ الشاكي .
قد قيدتني ذنوبٌ عن بلوغ مدىً ... قصدي إلى الفوز منها من غير إمساك .
عليك من ربك الله الصلاة كما ... منا عليك السلام الطيب الزاكي .
تمت ولم أقف له على نظم هو خير من هذه القصيدة لمقصدها الصالح وقد أشبع فيها حركة الكاف في خطاب المؤنث حتى نشأت ياء في موضعين وهو جائز .
وعمل على هذه القصيدة فيما أظن أو على قصيدة ميمية مدح بها النبي A أو عليهما كراريس وسماها عجالة الراكب .
ومن شعر كمال الدين الزملكاني : .
يا سائق الظعن قف بي هذه الكثب ... عساي أقضي بها ما للهوى يجب .
وارفق قليلاً لكي تروي الثرى سحبٌ ... من ناظري بمزنٍ منه تنسكب .
فثم حيٌ حياتي في خيامهم ... فالموت أن بعدوا والعيش أن قربوا .
لي فيهم قمرٌ القلب منزله ... لكن طرفي له بالبعد يرتقب .
لدن القوام رشيق القد ذو هيفٍ ... تغار من لينه الأغصان والقضب .
حلو المقبل معسولٌ مراشفه ... يجول فيها رضاب طعمه الضرب .
لا غروان راح نشواناًً ففي فمه ... خمرٌٌ ودرٌ ثناياه لها حبب .
زلائمٍ لامني في البعد عنه وفي ... قلبي من الشوق نيران لها لهب .
فقلت أن صروف الدهر تصرفني ... عما أروم فما لي في النوى سبب .
ومذ رماني زماني بالبعاد ولم ... يرحم خضوعي ولما يبق لي نشب .
ولما توجه إلى قضاء حلب نزل في مكان يعرف بالفردوس وكان معه شمس الدين الخياط الشاعر الدمشقي فأنشده لنفسه وأنشدني من لفظه غير مرة : .
يا حاكم الحكام يا من به ... قد شرقت رتبته الفاخره .
ومن سقى الشهباء مذ حلها ... بحار علمٍ وندىً زاخره .
نزلت في الفردوس فأبشر به ... دارك في الدنيا وفي الآخره .
ونظم فيه جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن نباتة لما توفي إلى رحمة الله تعالى قصيدة طنانة يرثيه بها أنشدنيها من لفظه أولها : .
بلغا القاصدين أن الليالي ... قبضت جملة العلى بالكمال .
وقفا في مدارس العقل والنقل ونوحا معي على الأطلال .
سائلاها عسى يجيب صداها ... أين ولى مجيب أهل السؤال .
أين ولى بحر العلوم وأبقى ... بين أجفاننا الدموع لآلي .
أين ذاك الذهن الذي قد ورثنا ... عنه ما في الحشا من الاشتغال .
أين تلك الأقلام يوم انتصارٍ ... كعوالي الرماح يوم النزال .
ينقل الناس عن حديث هداها ... طرق العلم عن متون العوالي .
وتفيد الجنا من اللفظ حلواً ... حين كانت نوعاً من العسال .
قلت : هي من قصائده الغر وكلها نتقى وليس هذا موضع إثباتها .
كنت قد اختلفت أنا والمولى شرف الدين حسين ابن ريان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في قول الحريري : .
فلم يزل يبتزه دهره ... ما فيه من بطشٍ وعود صليب .
فذهب هو في إعراب قوله " ما فيه " إلى أنه في موضع نصب على أنه مفعول ثان وذهبت أنا إلى أنه بدل اشتمال من الهاء التي في قوله " يبتزه " فكتب شرف الدين فتيا من صفد وجهزها إلى الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني C تعالى ونقلتها من خطه وهي : ما تقول السادة علماء الدهر وفضلاء هذا العصر لا برحوا لطالب العلم الشريف قبله وموطن السؤال ومحله في رجلين تجادلا في مسأله نحوية وهي في بيت من المقامات الحريرية : وهو : .
فلم يزل يبتزه دهره ... ما فيه من بطش وعود صليب