ولد سنة خمس عشرة تقريباًص وسماعه سنة اثنتين وست مائة وبعدها غذ كان عند الملقن سمع أبا القاسم ابن صصرى والبهاء عبد الرحمن وتفرد بالرواية عنهما وسمع من إسماعيل بن ظفر وأبي سليمان بن الحافظ والشيخ ضياء وورث من أبيه ثروة وعقاراً وجاور مدة وأنفق في البر والقرب ثم أعطى ملكه لابنته وبقى لنفسه كل يوم درهمين ولبس العسلي وتزهد وحدث بالحرم وانحطم بالهرم وثقل سمعه وضعف بصره وحدث عنه ابن الخباز وباقي الطلبة .
وتوفي سنة ثمان وسبع مائة .
الشمس كمال الدين الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الشيخ الإمام العلامة المفتي قاضي القضاة ذو الفنون جمال الإسلام كمال الدين أبو المعالي ابن الزملكاني الأنصاري السماكي الدمشقي كبير الشافعية في عصرة والفضلاء في دهره كأنما عناه الغزي بقوله : .
لم يبرح الفقه روضاً فاق فيك له ... سحابةٌ ورده منها وعبهره .
ذو الدرس سهل المعاني في جزالته ... يكاد يحفظه من لا يكرره .
أما الجدال فميدانٌ فوارسه ... تقر أنك دون الناس عنتره .
ولد في شوال سنة سبع وستين وسمع من أبي الغنائم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس ويوسف بن المجاور وعدة وطلب الحديث في وقت وقرأ الحديث وكان فصيحاً متسرعاً .
قال الشيخ شمس الدين : له خبرة بالمتون وكان بصيراً بالمذهب وأصوله قوي العربية قد أتقنها ذكاء ودربها ذكياً صحيح الذهن صائب الفكر فقيه النفس تفقه على الشيخ تاج الدين وأفتى وله نيف وعشرون سنة وكان يضرب بذكائه المثل وقرأ العربية فيما أظن على الشيخ بدر الدين ابن مالك وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخويي وشمس الدين الأيكي وصفي الدين الهندي أول قدومه البلاد أما لما عاد الشيخ صفي الدين وأقام بدمشق لم يقرأ عليه وقرأ على قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي .
حكى لي الشيخ نجم الدين الصفدي C تعالى قال : قلت له : فرطت في المنطق فقال : كان بدمشق أيام طلبي له شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرست - أو قال : وأفتيت - فكنت أتردد إليه على كره مني والعلم في نفسه صعب وعبارة الأفشنجي فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أو قلت له : ما ظهر قال : جاء وأدار وجهه عني فأنفت من تلك الحالة وبطلت الاشتغال أو كما قال . قلت : أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الفقه من معرفة التصور والتصديق ودلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام والضرب من الشكل المنتج والكاذب ومواد البرهان والمقدم والتالي وقياس الخلف وغير ذلك مما يدخل في الأصولين معرفة جيدة يتسلط بها على باقي الفن أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا وحفظ التنبيه فيما أظن والمنتخب في أصول الفقه والمحصل في أصول الدين وغير ذلك .
وأما الخط وحسن وضعه : .
فلا تسأل عن الروض النضير ... ولا عن طلعة القمر المنير .
فإنه كتب على الشيخ نجم الدين ابن البصيص أحسن منه ومن بدر الدين حسن ابن المحدث وخطه وهو أحسن . وقيل لي أنه كان يكتب الكوفي طبقة .
وكان شكله حسناً ومنظره رائعاً وتجمله في بزته وهيئته غاية وشيبته منورة بنور الإسلام يكاد الورد يلقط من وجنتيه وعقيدته صحيحة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة فإنه كان كريم النفس عالي الهمة حشمته وافرة وعبارته حلوة فصيحة ممتعة من رآه أحبه قريب من القلب خفيف على النفس .
صنف أشياء منها ورساله في الرد عليه في مسألة الزيارة ورسالة سماها رابع أربعة نظماً ونثراً وشرح قطعة جيدة من المنهاج .
وتخرج به الأصحاب وانتفع به الطلبة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر الخزانة ووكالة بيت المال وكتب في ديوان الإنشاء مدة ووقع في الدست فيما أظن وله الإنشاء الجيد ونثره خير من نظمه وله التواقيع المليحة والإنشاءات الجيدة