فلو صورت نفسك لم تزدها ... على ما فيك كرم الطباع .
وكان قد ربى مملوكاً اشتراه وأحبه وهذبه ورخجه فمات فأسف عليه أسفاً كثيراً ورثاه بشعر كثير غنى به ونقله المغنون وتداوله الناس من ذلك أنشدني من لفظه جمال الدين الخطيب الصوفي يوسف لنفسه ما نظمه في موت مملوك الدهان : .
لئن مات يا دهان مملوكك الذي ... بلغت به في الفسق ما كنت ترتجي .
فمثله بالأصباغ وجهاً وقامةً ... وخصراً وردفاً ثم عاينه واصلج .
وقال شمس الدين الدهان موشحة : يا بأبي غصن بانةٍ حملا بدر دجى بالجمال قد كملا أهيف فريد حسنٍ ما ماس أو سفرا إلا أغار القضيب والقمرا يبدي لنا بابتسامه دررا في شهدٍ لذّ طعمه وحلا كأن أنفاسه نسيم طلا قرقف مورد الخد فاتر المقل يفوق ظبي الكناس بالحمل وينثني كالقضيب في الميل من حمل ردفٍ مثل الكثيب علا نيط بخصرٍ كأضلعي نحلا مخطف ظبيٌ من الترك يقنص الأسدا مقرطقٌ قد أذابني كمدا حاز بديع الجمال فانفردا واهاً له لو أجار أو عدلا لمستهامٍ بهجره نحلا مدنف غزال سربٍ جماله شرك ستر اصطباري عليه منهتك لكل قلبٍ هواه منتهك علم قلبي الولع والغزلا طرف له بالفتور قد كحلا أوطف لله يومٌ به الزمان وفى إذ من بالوصل بعد طول جفا حتى إذا ما اطمأن وانعطفا أسفر عنه اللثام ثم جلا ورداً بغير اللحاظ منه فلا يقطف فظلت من فرط شدة الترح إذ زارني والرقيب لم يلح ألثم أقدامه من الفرح وقلت إذ عن صدوده عدلا أهلاً بمن زار بعد جفوةٍ وقلا أسعف ومن شعر شمس الدين الدهان وهو مما غني به : .
ما يج الورد في خديك ريحان ... إلا ووجهك في التحقيق بستان .
ولا تعطف منك العطف من صلفٍ ... إلا وريقك خمرٌ وهو نشوان .
لله فتنة ذاك الطرف منك لقد ... سبى المحبين لحظٌ منه فتان .
لو لم يكن سلب العشاق نومهم ... ما راح من غير سهدٍٍ وهو وسنان .
ومنه أيضاً وهو مما غني به : .
عند قلبي منك وجدٌ لا يحد ... وغرامٌُ هزله في القول جد .
واشتياقٌ ناره لا تنطفي ... وله بين شغاف القلب وقد .
أيها البدر الذي تيمني ... منه وجهٌ يخجل البدر وخد .
وسباني جوهر من ثغره ... فوقه من ريقه خمرٌ وشهد .
ومنه أيضاً وهو مما غني به : .
دلائل الوجد لا تخفى على الفطن ... والحب أقصاه ما أفضى إلى الفتن .
كم ذا التستر والأشواق تعرب عن ... سر الهوى بلسان المدمع الهتن .
دع التكتم فالكتمان نار جوىً ... بين الجوانح تذكيها يد المحن .
ونح فليس بعارٍ أن تنوح فما ... في ساحة الحي إلا كل ذي شجن .
ومنه أيضاً وهو مما غني به : .
ألا حبذا الوادي وروض البنفسج ... وطيب شذاً من عرفه المتأرج .
وأغصان بانٍ في نواحيه ميدٌ ... وكل قويم القد غير معوج .
وأنهار ماءٍ في صفاءٍ ورقةٍ ... تسيل بها ما بين روض مدبج .
فإن جعدته خطرة من نسيمه ... فيا حسن مرأى متنه المتموج .
قلت : شعر مقبول بل هو متوسط لا ينحط ولا يرتفع .
محيي الدين ابن المارستاني محمد بن علي بن عبد القوي بن عبد الباقي محيي الدين التنوخي المعري ثم الدمشقي بن المارستاني الحنفي نزيل بالقاهرة .
ولد سنة سبع وأربعين وسمع من عثمان بن علي وإبراهيم بن خليل وفرج الخادم وعبد الله بن الخشوعي وعدة وخرج له الدمياطي مشيخة وسمعها منه قديماً وكان مديماً للاشتغال ورعاًً زهداًً مفسراً متواضعاً من كبار الحنفية أعاد بالمنصورية والناصرية والظاهرية والصالحية حمل عنه الطلبة من سماعاته جزء الذهلي علي ابن خطيب القرافة سنة اثنتين وخمسين .
وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة .
ابن الموازيني محمد بن علي بن الحسين بن سالم الشيخ المقرئ الصالح الحاج بقية المسندين شمس الدين ابو جعفر السلمي المرداسي الدمشقي ابن الموازيني