الأعظم صاحب الهند محمد بن طغلق شاه السلطان الأعظم أبو المجاهد صاحب دهلي وساير مملكة الهند والسند ومكران والمعبر ويخطب له بمقدشوه وسرنديب وكثير من الجزر البحرية ورث الملك عن أبيه طغاق شاه قال القاضي شهاب الدين ابن فضل الله : وكان طغلق شاه تركياً من مماليك سلاطين الهند ويقال إنه عمل على أبيه حتى قتله قالوا وصورة قتله أنه تركه في خركاة وقد بدت به علة ثم أنه هاج عليه الفيلة حتى أتى فيل مها على الخركاة فحكمها وألقاها عليه وتمادى في إخراجه حتى أخرجه ميتاً لا روح فيه قال : ومحمد عنين لكي كوي على صلبه أوان الحداثة لعلة حصلت له وهو متمذهب للإمام أبي حنيفة يحفظ في المذهب كتاب الهداية وقد شدا طرفاً جيداً من الحكمة ويحضر مجلسه الفقهاء للمناظرة بين يديه ويجيز الجوايز السنية وملكه ملك متسع جداً وعسكره كثير قال : ذكر الافتخار عبد الله دفتر خوان الواصل في الرسلية أيام الناصر محمد بن قلاوون أن عسكره مبلغ تسع ماية ألف فارس قال : وفي ذلك نظر إنما الشايع أنه يقارب الستماية ألف يجري على كلهم ديوانه منهم الفارس ومنهم الراجل والراجل أكثر لقلة الخيل لأن بلادهم لا تنتج الخيل وتفسد ما يجلب إليها من الخيل وذكر أن عنده ألفا وسبع ماية فيل وعنده عدد كثير من الأطباء والندماء والشعراء بالعربية والفارسية الهندية وعدد كثير من المغاني رجال وجواري ونعته في بلاده سلطان العالم اسكندر الثاني خليفة الله في أرضه وبهذا يدعو له الخطباء في ممالكه على المنابر والدعاة وفي بلاده معادن كثيرة ويجاوره وه قراجل بالقاف والراء والألف والجيم واللام وهو جبل يقارب البحر المحيط الشرقي وهي بلاد كفار فيها معادن الذهب وله عليها اتارة جزيلة إلى غير ذلك ومما يوجد في بعض بلاده من نفايس الياقوت والماس وعين الهر والمسمى بالماذنبي قال : وذكر لي الشيخ مبارك نفايس الياقوت والماس وعين الهر والمسمى بالماذنبي قال : وذكر لي الشيخ مبارك الأنبايتي وكان من كبار دولته ثم تزهد أن ابن قاضي شيراز أتاه بكتب حكمية منها كتاب الشفاء لابن سيناء بخط ياقوت في مجلدة فأجازه عنها جايزة عظيمة ثم أمر بإدخاله إلى خزاينه ليأخذ منها ما يريد فأخذ منها ديناراً واحداً وضعه في فمه فلما خرج ليقبل يده قيل له ما فعل وأنه لم يتعرض إلا إلى دينار واحد فسأله عن ذلك فقال : أخذت حتى امتلأت وطلع هذا الدينار من فمي فضحك وأعجبه ذلك وأجازه بلك من الذهب والملك عبارة عما يقارب المايتي ألف مثقال وسبعين ألف مثقال بالمصري قال : ولحقه يبس مزاج من قبل السواداء . انتهى . قلت ومما يحكى عن كرمه إعطاؤه الشريف عضد ابن قاضي يزد وقد ذكرت ذلك في ترجمة عضد في حرف العين وبلغني عنه أنه إذا سمع المؤذن وقف مكشوف الرأس ولا يزال واقفاً إلى أن يفرغ المؤذن ثم أنه لا يشتغل بشيء بعد ذلك غير الصلاة النوافل والفريضة وأعرف أني كنت يوماً عند الأمير عز الدين أيدمر الخطيري وقد حضر إنسان هندي وقال : إن السلطان محمد بن طغلق فتح تسعة آلاف مدينة وقرية وأخذ منها ذهباً كثيراً وأنه انتقل من دهلي إلى وسط البلاد التي فتحها ليكون قريباً من الأطراف وأنه أجري عنده ذكر مكة والمدينة فقال : أريد أن يتوجه من عندنا ركب حاج فقيل له إن ذلك في ملك الملك الناصر محمد بن قلاوون فقال : نجهز إليه هدية ونطلب منه ذلك وأنه جهز إليه مركباً قد مليء تفاصيل هندية رفاع من يخار ما يكون وعشرة بزاة بيض وخدم وجواري وأربعة عشر حقاً قد ملئت ماساً وأنا كنت مع المسفرين وإننا لما وصلنا إلى اليمن أحضر صاحب اليمن المماليك الذين في خدمة الرسول وقال لهم : أي شيء يعكيكم صاحب مصر ؟ أقتلوا أستاذكم وأنا أجعلكم أمراء عندي ! .
فلما قتلوه شنق الجميع وأخذ المركب بما فيها وأريد أن تحضرني عند السلطان فأحضره وكتب القاضي شهاب الدين ابن فضل الله في ذلك الوقت كتاباً إلى صاحب اليمن جاء منه عند ذكر ذلك وبعد أن كان في عداد الملوك أصبح وهو من قطاع الطريق .
ابن طلحة