فرماه طلحة بحُقَّة فيها دُرّة فأصابت صدره ووقعَت في حجره وقيل : أعطاه أربعةَ أحجارٍ وقال : لا تخدَع عنها فباعها بأربعين ألفاً ومات طلحة بسجستان ووَلِيَ بعده رجلٌ من بني عبد شمس يقال له عبد الله بن علي وكان شحيحاً ثم وليها عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن كُرَيز فجاء أبو حزابة إلى البصرة وحضر المربد وأنشد مَرثيةً في طلحة وذمّاً لعبد الله بن علي وهي : .
هيهاتَ هيهاتَ الجنابُ الأخضرُ ... والنائل الغَمرُ الذي لا ينزرُ .
واراه عنّا الجدّثُ المغوِّرُ ... قد علم القومَ غداةَ استعبروا .
إن لم يروا مثلك حتّى يُنشروا ... إنّا أتانا أجرَد محمّر .
لذِكرِه سريرُنا والمِنبَرُ ... والمنزل المختصَر المطهَّر .
بنيةٌ نيرانُها لا تُسجَر ... وخَلَفٌ يا طلحَ منك أعوَر .
أقلّ من شبرين حين يُشبَرُ ... مثل أبي القعواء لا بل أصغَر .
وكان أبو القعواء صاحب لطلحة وكان قصيراً فقال له عون بن عبد الرحمن بن سَلامة وسلامة أمّه : أتشاهد الناسَ تشتم رجال قريش ؟ فقال : إنّي لم أعمَّ إنّما سَمَّيتُ رجلاً واحداً وأغلظ له عونٌ حتى انصرف ثم إنَ عوناً أمر ابن أخٍ له فدعا أبا حُزابة وأطعمَه وسقاه وخلط له في الشراب شيئاً أسهله فقام أبو حزابة وقد أخذه بطنه فسلَح على بابهم وفي طريقه حتى بلغ أهلَه ومرض شهراً ثم عُوفي فركب فَرساً له وأتى المربد فإذا عونُ بنُ سلامةَ واقفٌ فصاح به فقال أبو حُزابة : .
يا عون قِف فاستمع الملامَه ... لا سلّمَ اللهُ على سلامَه .
زنجيَّةٌ تحسبُها نعامَه ... شكاء صار جسمها ذمامَه .
ذاتِ حِرٍّ كَرِيشتَي حمامَه ... بينهما كرأس الهامة .
اعلمها دعاكم العلامة ... لو أن تحت بَظرِها صمامه .
لوقعَت قُدماً بها أمامَه .
فصار الناس يصيحون : أعلمُها وعالم العلامَه ولما خرج أبو الأشعث كان معه أبو حُزابة فمرّ في طريقه بدَستَبى وبها مستزاد الصنّاجة وكانت لا تبيتُ إلا بمائة درهمٍ فرهن أبو حزابة سرجه وبات بها فلما أصبح وقف لعبد الرحمن بن الأشعث ثم صاح به : .
أمن عصاك نالني بالفجّ ... كأنني مطالَبٌ بخَرجِ .
ومستزادٌ رهنَت بالسَّرج ... في فتنةِ الناس وهذا الهَرج .
فعُرِّف ابن الأشعث القصةَ فضحك وأمر له بألف درهمٍ فلمّا بلغ الحجّاج ذلك قال : يُجاهرُ في عسكره بالفجور فيضحَك ولا يُنكِر ؟ ظفرتُ به إن شاء الله تعالى .
الحافظ السَّكوني .
الوليد بن شجاع بن الوليد السَّكوني الكوفي الحافظ روى عنه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وتوفي في حدود الخمسين والمائتين .
الشاري