أقام سُوق المعالي بعد ما كسَدَت ... ورَدَّ للشعرِ ذكراً بعد ما انخرما .
قلت : شعر مقبولٌ .
أبو العزمات الشافعي المصري .
هُمام بنُ راجي الله بن ناصر بن داودَ أبو العزمات الفقيهُ الشافعيُّ المصريُّ من أولاد الأجناد قدم بغداد في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة وتفقه بها على ابن فضلان وبرع في المذهب والخلاف وسمع من أبي الفرج بن كليب وغيره وقرأ الأدب وعاد إلى مصر ودرَّس بها وناظر وأفتى وصنّف في المذهب والأصول وكان كثير الفضل قليل الحظ ولد سنة تسع وخمسين وهمسمائة وتوفي سنة ثلاثين وستمائة بقرية وَنَا من الصعيد ومن شعره : .
يقولون لي في ثوب حبك رِقَّةٌ ... جلَت حُسنَه كالبدرِ تحت سَحابِهِ .
فقلت لهم ما رقّة الثوب حالياً ... ولا غَلَطٌ فيها مَنيِع حجابه .
ولكنه من نوره وبهائه ... يُرَى منه شفافاً غليظُ ثيابه .
الفرزدق .
هَمام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك واسمه عَرف سمى بذلك لجوده وقيل غَرف بالغين المعجمة والراء ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مرّ أبو فراسٍ الفرزدق التميمي المشهور صاحب جريرٍ كان أبوه غالب من جِلّة قومه ومن سَراتهم وكنيته أبو الأخطل ولم يكن بالبادية أحسَنَ ديناً من جدّه صعصعة ولم يهاجر وهو الذي أحيا الوئيدةَ وبه افتخر الفرزدق في قوله : .
وجدي الذي مَنَعَ الوائِدات ... فأحيا الوئيدَ ولم يُوأَدِ .
قيل إنه أحيا ألفَ مَوءودةٍ وحمل على ألف فرس وأم الفرزدق ليلَى بنت حابس أخت الأقرع بن حابسٍ وله مناقب مشهورة وقد تقدم ذكر والده غالب في حرف الغين مكانه وتقدم أيضاً ذكر جدّه صعصعة الصحابي في حرف الصاد في مكانه والفرزدق لُغزاً لقطعة من العجين أو الرغيف الضخم لأنّ وجهه كان ضخماً غليظاً روى عن علي بن أبي طالب - وكأنه مُرسَلٌ - وعن أبي هريرة والحسين وابن عمر وأبي سعيد والطِّرِماخ الشاعر وروى عنه الكميت ومروان الأصغر وخالد الحذاء وأشعث بن عبد الملك والصَّعِق بن ثابتٍ وابنه لَبطَةُ بن الفرزدق وحَفيده أَعيَنُ بن لبطة ووفَذَ على الوليد وسليمان ومدحهما قال الشيخ شمس الدين : ولم أرَ له وِفادةً على عبد الملك بن مروان وقال ابن الكلبي : وفد على معاوية ولم يصحّ روى معاوية بن عبد الكريم عن أبيه قال : دخلتُ على الفرزدق فتحرك فإذا في رجليه قَيدٌ قلتُ : ماهذا يا أبا فراس ؟ قال : حلفتُ أن لا أُخرِجَه من رِجلي حتى أحفظ القرآن وقال أبو عمرو بن العلاء : حضرتُ الفرزدق وهو يجود بنفسه فما رأيتُ أحسنَ ثقةً منه بالله وتوفي الفرزدق سَنَةَ عشر ومائة وقيل سنة اثنَتي عَشرة وقيل سنة أربع عشرة وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر أبيه فما جاءه أحدٌ واستجار به إلاّ قام معه وساعده على بلوغ غرضه ومن ذلك أن الحجاج لما ولّى تميم بن زيدٍ القُتبي بلاد السند دخل البصرة وجعل يخرِج من أهلها من شاء فجاءت عجوزٌ إلى الفرزدق وقالت : إنّي استجرتُ بقبر أبيك وأتت منه بحُصيّاتٍ فقال : ما شأنكِ ؟ قالت : إنّ تميمَ بن زيدٍ خرج بابنٍ لي معه ولا قُرَّةَ لعيني ولا كاسبَ عليّ غيرهُ فقال لها : وما اسم ابنكِ ؟ فقالت : حُنَيس فكتب إلى تميم مع بعض من شخص : .
تميمَ بن زيدٍ لا تكوننَّ حاجتي ... بظهرٍ فلا يَعيا عليّ جوابُها .
وهب لي حنيساً واحتسِب فيه منّةً ... لعبَرِة أمٍّ لا يسوغُ شرابُها .
أتتني فعاذَت يا تميمُ بغالبٍ ... وبالحفرةِ السافي عليها تُرابُها .
وقَد عَلِم الأقوامُ أنكَ ماجدٌ ... وليثٌ إذا ما الحربُ شبَّ شِهابها