ولما نظم الأنجبُ أبو الحسن علي هذا البيت وهو : .
أنحَلَني بُعدِيَ عنها فَقَد ... صِرتُ كأنّي رِقّةً خَصرُها .
قال ابن عَرّام المذكور تَوطِئَةً له : .
وقائلٍ عهدي على هذا الفتى ... كروضةٍ مُقتَبِلٍ زهرُها .
واليومَ أَضحَى ناحلاً جِسمُه ... بحالةٍ قد رابني أمرُها .
فقلت إذ ذاك مُجيباً له ... والعينُ منّي قد وَهَى دُرُّها .
مجد الدين بن السديد الشافعي .
هبة الله بن علي بن السديد مجد الدين الشافعي اشتغل بالفقه على الشيخ بهاء الدين القفطي وكان يطالع تفسير ابن عطيّة كثيراً وبنى مدرسة بأَسنا ووقف عليها بساتينَه قال الفاضل كمالُ الدين الأدفوني : اتفق أن عند انتهاء العمارة حضر الشيخ تقي الدين إلى أَسنا لزيارة بهاء الدين القفطي فسأله مجد الدين أن يُلقِيَ الدرس بها فألقى الشيخ بها درساً وكان شيخنا تاج الدين الدِّشناوي في خدمة الشيخ من قُوص فقال لمجد الدين : إذا فرغ الدرس قل للشيخ : يا سيدي بدستور سيّدي آخُذُ الدرسَ ؟ فيبقى ذلك إذناً من الشيخ فقال : لا هذه مدرستي وأقول له أنا هذا الذي قلت فيسكتُ أو يقول : لا فيُنقَل عنّي وكان يدرِّس بها ويعمل للطَّلَبة طعاماً طيّباً عاماً ويقول لمن تتّفق غيبته : يا فلان فاتَك اليوم الفوائد والموائد : .
ارضَ لمن غاب عنك غَيبَته ... فذاك ذَنبٌ عِقابُهُ فيهِ .
وانتهت إليه رئاسة بلده وخطب بأصَفُون و توفي ببلده سنة تسع وسبعمائة .
أبو القاسم الكاتب .
هبة الله بن عيسى أبو القاسم كاتب مهذّب الدولة علي بن نصر صاحب البطيحة ووزيره ومدبّر أمره كان كاتباً سديداً عاقلاً مترسّلاً فهماً وكان يَفضُل على الأدباء ويُحسِن إلى العلماء مات سنةَ خمس وأربعمائة وبينه وبين أبي القاسم المغربي مكاتباتٌ ومن شعره : .
أضنّ بليلَى وهي عَنّي سخيَّةٌ ... وتَبخَلُ ليلى بالهوى وأَجُودُ .
وأعذَلُ في ليلَى ولستُ بمُنيةٍ ... وأعلَمُ أني مخطىء وأعود .
وقال الأستاذ أبو طاهر علي بن الحسن : كنتُ عند أبي القاسم هبة الله جالساً وإذا الخياط قد جاء بدُرّاعةٍ دَبِيقية معلَّمة فعرّضتُ بها فقال : أنا أُعطيك شُقّةً مثلها دُرّاعتي واسمي هبة الله وقد سمعتُ قول الشاعر : .
أيا هبةَ الإلهِ وقَفتُ شعري ... علَى دُراعةٍ ذهبت قُواها .
قصدتُ بها الصفوفَ إلى مُطَرٍّ ... يُطرِّبها فقال على حَراها .
أراها في يديك فهاتَ قُل لي ... إذا نزلَت تعارى مَن يراها .
وأمر فدفع إليَّ شقّة دبيقيةً حسنة .
أبو القاسم القطان .
هبة الله بن الفضل بن عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن علي بن أحمد بن الفضل بن يعقوب بن يوسف بن سالم أبو القاسم المَتُّوثيّ القطان الشاعر من أولاد المحدّثين كان الغالب على شعره الهجاء وثلب الناس وهجا الأكابر والأعيان وكان الناس يتقون لسانَه سمع الحديث في صِباه من والده ومن أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرخي وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون والحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النِّعالي والحسين بن أحمد بن عبد الرحمن بن أيوب العُكبري وغيرهم وعُمّر وسمع من الحفاظ والأئمة وكان عسِراً في الرواية سيّىء الأخلاق كريهَ الملقَى عَبوساً مُبغَّضاً روى عنه ابن الأخضر وأبو الفتوح بن الحُصري وثابت بن مُشرَّفٍ الأزجي وُلد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة وتوفي في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وكان حاضر الجواب ويعرف الطبّ والكحل وهو الذي شهّر الحيص بَيص بهذا اللقب ومن شعره : .
يا باعثاً طيفَه مثالا ... ما لكَ في الحسن من مثال .
وإنما كان ذاك عِشقا ... بعث خيال إلى خيال .
ومن شعره : .
ومُدامة مَرَحَت وقد مُزِجَت لمن ... شربَ العُقار فسادَه بصلاحه .
يستنفذ الهموم من يد فكره ... قَسراً فروحٍ مُديمها في راحه .
لم يحتجّ الساقي عشيةً صبها ... في كأسه ليلاً إلى مِصباحه .
فَصباحه كمسائه سُكراً بها ... ومساؤه من نورها كصباحه .
وقداحُهُ قد فاز حين أراقَها ... من لهوِه إلا بِريقٍ في أقداحِه .
ومنه :