وإذا أبيتُ وكأسُ الراح مالئة ... كفي حَبابا وطَرفي فيه أحبابا .
سقاه كالدمع إلا ما يؤثره ... فإنه مَنَع الإجداء أجدابا .
وجرّ فيه كأنفاسي غلائلَه ... شذاً يقول له الإطنابُ أطنابا .
قفا لأعتُبَ دهراً لان ثم عسَى ... عساه يُعقِب هذا العَتبَ أعتابا .
واستنزِلا بلطيفٍ من عتابكما ... قلباً طواه على الأحقاد أحقابا .
لله ما ضمّت الأحداج من قمرٍ ... أرخى ذوائبَ عنهنَّ الدُجى ذابا .
أغمض اللحظَ عنه حين ينظر عن ... جَفنٍ هو النصلُ إرهافا وإرهابا .
وربما زارني زُوراً وشقّ إلى ... وصلي حِجابا يُراعيهِ وحُجابا .
ما كنت اُسكر طرفي من مُدام كَرّى ... لو لم يحرِّم على الأصحاء أصحابا .
يا من إذا وفََى استوَفى الحشاشة لا ... عدِمتُ حاليك إعطاءً وإعطابا .
وقال : .
هب للقلوب من العيون ملاذُ ... ولها على مكنونها استِحواذُ .
هيهاتَ ما سُلتْ شِفارُ لواحظٍ ... إلا تثنت والقلوبُ جُذاذ .
لا تُرسِلََّ سهامَ لحظِك جاهداً ... إن المنية سَيرها أغداد .
ومن العجائب أن خدي مُجدِبٌ ... وعليه من سيل الدموع رَذاذ .
يا رامياً كَبِدي بِنبل جفونه ... خَفِّض عليك فإنها أفلاذ .
ومليحةِ الأوصاف حسَّنها الصِّبا ... والتيهُ لا ديباجُها والاذ .
في طرفها الأحوى تأنقُ بابلٍ ... نَفَاثُ سحرٍ في الحشا نَفَاذ .
رَقت جفوناً فهي ماءٌ دافقٌ ... وقست فؤاداً دونه الفُولاذ .
وقال : .
دعته المثاني وادعته المثالثُ ... فها هو للنِدمان والكاس ثالثُ .
وقارفَ قبل الموتِ والبعثِ قَرقفاً ... يعاجله منها مُميتٌ وباعثُ .
وكان الهوى أبقى عليه صَبابةً ... من اللبّ وافاها من الكاس وارث .
فقام إلى أُمِّ الخبائثِ إنها ... بها أبداً تصفو النفوسُ الخبائث .
وأحيا بروح الراح جسمَ زُجاجة ... على يده منها قديمٌ وحادث .
وقد قال للصهباء إني حالفٌ ... فقالت له الصهباء إنك حانث .
وما العيش إلا للذي هو ماكث ... على غيّه أو الذي هو ناكث .
فيا راحلاً أبلغ أخِلايَ بالِّلوى ... وإن رجعوا أني على العهد لابث .
لمن كَللٌ مُدت حوامٍ حواملُ ... فمادت بها عِيسٌ رَواغٍ رواغث .
هناك ولا نُعمانَ قُضبٌ موائس ... وثَمَ ولا يَبرينَ كُثبٌ عثائث .
دَمي للدُمى إن لم أُرعها برحلةٍ ... نديمي بها الدأماءُ أو فالدمائث .
ربيعةُ فتكٍ لم تلِدني مكدَّمٌ ... عُتيبةُ حَربٍ لم يلدنيَ حارث .
لِيَ النافثاتُ السِحرِ في ُعقَد النُهى ... فما هي إلاّ العاقداتُ النوافث .
وقال : .
ألحِق بنَفسَجَ فَجري وردتَي شفقِِ ... كافورةُ الصبحِ فتَّت مِسكَةَ الغَسَقِ .
وقد عُطِّلَ الأُفقُ من أسماط أنجُمِهِ ... فاعقِد بخمرك فينا حِليةَ الأُفق .
قم هاتِ جامَك شمساً عند مُصطبحٍ ... وخَل كاسَكَ نجماً عِند مُغتبق .
وأقسم لكلِّ زمانٍ ما يليق به ... فإن للزندِ حَلياً ليس للعُنقِ .
هبَّ النسيم وهبّ الريمُ فاشتركا ... في نكهةٍ من نسيم الروضة العَبِق .
واسترقَصَتنيَ كاسترقاصِ حامِلها ... مُخضَرَّة الوُرق في مُخضَرَّةِ الوَرَق .
وبتُّ بالكاس أغنى الناسِ كلهم ... فالخمرُ من عسجدٍ والماءُ من وَرِق .
كم وُرِّدت وَجَناتُ الصِرف في قدحٍ ... فتحتُ بالمزج ما تعلوه من حَدَق .
يسعى بها رَشأٌ عيناه مُذ رمقَت ... لم يبق فيَّ ولا فيها سوى الرَمَق