هذا اللِوى لا حُطّ منهُ لواءُ ... يرتادُني عنه هَوى وهَواءُ .
فاحلُل عقودَ الدّمع في عُقدَاته ... إن جرَّعتك غَرامَك الجَرعاء .
والعَب بِعطفك كالقضيب فإنما ... أهدَت بَوارحَها لك البُرحاءُ .
لم يَبقَ من آثار أَنجُمِ غِيدِه ... إلا الدموعُ فإنها أنواء .
جعلوا الحُماةَ حماءَهم وترحّلوا ... فبحيثما حَلوا ظُبىً وظِباء .
وتكنَّسوا قَصَبَ الوَشيج وتفعل ... السمراءُ ما لا تفعل السمراء .
هذي المنازلُ كالمنازلِ فاسألوا ... عن بدرها فلقد دَجَتْ ظَلْماء .
ذُمّ الفِراقُ وما علِقتُ بذِمةٍ ... من سَلوةٍ فمتى يُذَمُّ لِقاء .
لله ذاك العيشُ إذ لا بَيننَا ... بَينٌ ولا عاداتُنا عُدَواء .
فالجو صافٍ والمواردُ عَذبَةٌ ... والروض نَضرٌ والنسيمُ رُخاء .
ولقد نزعتُ عن الغَرام فشاقني ... أَرَجٌ نماه مَندَلٌ وكِباء .
هَبَّت صَبا نَجدٍ وهَب ليَ الصِبى ... فتلاقتِ الأهواءُ والأهواء .
ماذا على العُذال إن خَلَع الهَوى ... عُذري وعُذرِي غَادةٌ عَذراء .
بل كيفَ يَحُس بي الهوى ومَحَله ... دون الحضيض ودُونيَ الجَوزاء .
يا حبذا رِيُّ الكئيب من الظَما ... لا حبذا أُروى ولا ظَمياء .
هو مَنكِبُ العزمِ الذي لو أنه ... ريحٌ لقالوا إنها نَكباء .
ولَدَيَّ فكرٌ إن تبلّج نورُه ... شهِد الذَكاءُ بأنَّ ذاك ذُكاء .
ألقى القريضَ له مقالد أمرِه ... فاختار وهو المانعُ الأَباء .
كم بيت شعرٍ قد علا بِبِنائِه ... بَيتٌ دَعائمُ سَمكِهِ العَلياء .
تَحيى به الأمواتُ بعد فنائها ... ولربما ماتت به الأحياء .
ألفاظه كالشهبِ إلا أنها ... في كُل خَطبٍ فليقٌ شهباء .
وإلى سَراة بني عَديٍّ أنتمي ... في حيث تثنى الغُرَّة القَعساء .
قومٌ هم غُررَ الزمان وأهله ... والعالمونَ جِبلةٌ دهماء .
يتورّدون الخطبَ وهوَ مهالكٌ ... ويبادرون الحربَ وهي فَناء .
ويخاطبون بألسُنِ البيض التي ... من دونِها تتلجلج الخُطَباء .
من كلِّ أروعَ ضاربٍ بحُسامه ... رأسَ الكَميِّ إذا التظَتْ هَيجاء .
متناسبِ الأجزاءِ أجمعُ صدرِه ... قَلبٌ وأجمعُ قَلبِهِ سَوداء .
إن تظلمِ الأقدارُ فهو مُهَندٌ ... أو تظلمِ الأخطار فهو ضياء .
تأبى مَناط نِجاده فكأنه ... من تحتِ منعقد اللواء لواء .
ويهُزه هَزَج الصَّهيل كأنما ... حكمتْ عليه القهوةُ الصهباء .
أبناءُ لَخم الأكرمين عِصابةً ... لا ينثنون وفي الثبات ثَناء .
نَشروا أمامَ خَميسِهم أحسابَهُم ... في الحَرب وهي الراية البيضاء .
ضربوا بمُستن الركاب قِبابَهم ... فتساوت الغُرباء والقُرناء .
وتَحكَّمَ الضِيفانُ في أموالهم ... حتى كأنهمُ لهم شُركاء .
يخشاهمُ ريبُ الزمانِ فجارُهم ... لم يدرِ في السَّراء ما الضَّرّاء .
نَسَبٌ لوَ أنّ الزَهرَ في إشراقه ... لتشابهَ الإصباحُ والإمساء .
وقال : .
أصبحتُ بين سَوالفٍ وعيونٌ ... وقفاً على أمنيَّةٍ ومَنونِ .
فدَعِي الملامةَ في التصابي واعلمي ... أن الملامةَ ربّما تُغريني .
ماذا عليكِ إذا سفحتُ مدامعي ... وأطلتُ في آي الديار أنيني .
ما زلتُ أخفي الحبَّ حتى هاجه ... وشكُ الفِراق وأظهرته جفوني .
يا عاذلي رِفقاً على قلبي فما ... أُرضيك في فعلي ولا تُرضيني