والطيرُ في عذباتِ الدَوح ساجعةٌ ... تَطابقَ اللحن بين العود والناي .
وقد تضمَّخ ذيل الريح حين سَرت ... بعاطرٍ من شذى غيداء غَناء .
فَحَيِّ في الكأسِ كِسرَى تُحيِ رِمتّه ... بروح راحٍ سرت في جسم سرّاء .
وعُذْ بمعجز آيات المُدامة من ... نوافثِ السِحر في أجفانِ حَوراء .
فما الفصاحةُ إلاّ ماتُكرِّره ... مَبازل الدَنّ من ترجيع فأفاء .
يُديرها فاتن الألحاظ فاترُها ... صاح مُعَربد أعضاءٍ وأعضاء .
ومحسنٍ حسنٍ ألقتْ إلى يده ... أعنّةُ الحبّ طوعا كل سوداء .
ناهيكَ من شادنٍ شادٍ تَغارُ على ... أُذن المُصيخ إليه مقلة الرائي .
فاعكُف على خَلَس اللذات مُغتَنما ... فالدر في حربه تلوين حِرباء .
وقال : .
شقّ الصّباحُ غِلالةَ الظلماءِ ... وانحلّ عِقدُ كوكبِ الجوزاءِ .
وتكلّلَت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بغرائبٍ من لؤلؤِ الأنداء .
وجرى النسيم فجرَّ فَضلَ رِدائِهِ ... متحرِّشاً بمساقطِ الأنواء .
وعلا الحمامُ على منابر أيكَةٍ ... يُبدي فصاحةَ ألسُنِ الخُطباء .
ودعا وقد رقّ الهواءُ منّمقُ السِ ... ربال طابت زَهرةُ الصهباء .
لو لم يكن مَلِكَ الطيور لما انثنى ... بالتاج يمشي مِشيةَ الخُلَفاء .
فاشرَب مُعتَّقةَ الطِّلا صِرفاً على ... رَقصِ الغصون ورنَّة المُكاء .
من كفٍّ وطفاءِ الجفونِ كأنما ... يسعى بنارٍ أُضرمت في ماء .
في سحرِ مقلتِها وخمرةِ ريقِها ... دائي الذي حُمِّلتهُ ودوائي .
يا قاتل اللهُ العيونَ فإنها ... شَرَكُ العقولِ وآفة الأعضاء .
يا هذه مهلا فلو أنني ... لا أنثَنِي عن ذِمةٍ ووفاء .
لبلغتُ ما أرجو بحدِّ مهندٍ ... ذَرِبٍ وعامِلِ صَعدةٍ سَمراء .
وطرقتُ دارَك باللِوى في مَعشرٍ ... أخذوا شجاعتَهم عن الآباء .
وأبحتُ يا أسماءُ معسولَ اللَّمى ... لهُمُ ووَردَ الوجنة الحمراء .
لكن ركنتُ إلى السُّلوّ ولم أقُل ... أعزِز عليَّ بفُرقة الخلطاء .
وقال : .
أنسيمُ برقٍ أم شَيمُ عَرار ... أَورَى بجانحتيه زّندَ أُوارِ .
أم هزّ معطفَهُ الغرامُ فمزقت ... أيدي الصَبابةِ عنه ثوبَ وقار .
أم باكرتهُ يدُ الهوى بمُدامةٍ ... صِرفٍ فبات لها صريعَ خُمار .
بل هزّ عِطفيه لنَوح حَمامةٍ ... هَتَفَت ودَمعِ غمامةٍ مِدرار .
وعليلِ نفحةِ روضةٍ مطلولةٍ ... باحت بما ضَمَتْ من الأسرار .
ما استنشقت منها المَعاطِفُ بِلةً ... إلا انثنَت في القلب جَذوةُ نار .
حيث الغصونُ تميس في كثبانها ... طَرَياً لسجعِ مَلاحنِ الأطيار .
عبِثتْ بها أيدي الصَبا فتمايلَت ... فكأنما شربَت بكأس عُقار .
ووتكللت تيجانُ أزهارِ الرُبى ... بفرائدٍ من لؤلؤِ الأمطار .
فالجوُّ في مِسكيةِ الغيمِ أنبَري ... والأرضُ في موشيّة الأزهار .
والغانياتُ تميس في أرجائها ... مختالةً مَيسَ القنا الخَطَّار .
من كل سافكةٍ بسيفِ فتورِها ... عَمداً وما لقتيلها من ثار .
كالبدرِ في بُعد المَنال وفي السَّنا ... والريمِ في كَحَلٍ وفرطِ نِفار .
ومهفهفٍ عَبث الصِّبا بقَوامِه ... عَبَثَ الصَبا بمَعاطفِ الأشجار .
وَسنَانُ ما جالت قِداحُ جمالِهِ ... إلا ثنى قلبي مِنَ الأعشار .
عاطَيتُه راحاً إلى الشمس انتمَت ... بزُجاجةٍ تنمي لضَوءِ نهار .
والليلُ من جوزائه وهِلالِ ... يختال بين قِلادةٍ وسِوار .
وقال :