ما سَت فقيل : هي القضيبُ الأملدُ ... ورَنت فقيل : هي الغزال الأغيدُ .
ورأت بديع جمالها فتبسمتْ ... عن جوهرٍ بمِثاله تتقلد .
بيضاءَ رَوض الحسن منها أخضرٌ ... ومدامعي حُمرٌ وعَيشي أسود .
فعلَت سيوف السِحر من أجفانها ... ما يفعل الصِمصام وهو مجرَّد .
يا هذه إن كنتُ دونك ثانيا ... طَرفي ففي قلبي المقيم المقعد .
دافعت في صدر الظنون ولم يكن ... بسوى الثُّريا يُستراب الفرقد .
هل عند ليل الشعر أني نائم ... ولصَبوتي طَرفٌ عليك مُسَهد .
يا ضيف طيفٍ ما هداه لمضجعي ... إلا لهيبٌ في الحشا يتوقد .
والله لولا أنني بك طامعٌ ... ما كنتُ من كَلَفي بحبك أرقدُ .
هذي النجومُ وأنتَ من إخوانها ... بجميعِ ما نصَّيتُه لك تشهد .
كم فيك عن بلقيس من نَبَإِ فهل ... قلبي سليمان وطرفي هدهد .
لا تَنفِ هَمي بالعُقار فإنها ... أبداً يُثار بشُربها ما يخمَد .
لي روضةٌ من خاطري ومُدامةٌ ... وُرق القوافي بينهنّ تُغرِّد .
وقال : .
السحبُ ما عطفت إليك مُدامُ ... والوُرق ما هتفتْ عليك نِدامُ .
تَقِف النواسم فيك وهي لواثم ... وتسير زَهر الروض وَهو لِثام .
تيمتَ حتى قيل صبت صباً ... وفتنتَ حتى قيل هام رِهام .
ماذا بعثتَ إلى النفوس وإنما ... نمَّت إليك ببعضه الأجسام .
مُليتَ مكتهل البناتِ فللحيا ... سَبَلٌ يلاعب معطفيه غلام .
رُحماك وهو أسِنة وأعِنة ... خِيَمٌ مُطَنَّبةٌ عليه خيام .
ما حيلةُ المُشتاق في آرامه ... وهي التي عَزَّتْ فليس تُرام .
قُسِمَ السَقام لجسمه وجفونها ... وتخالفت بوفاقها الأقسام .
فسَقام أجفان الكواعب صحة ... هي في جفون العاشقين سَقام .
يا رَبَةَ الخِدرِ التي هي تحته ... بَدرٌ شريق النور وهو غَمام .
يهتَزُ من عِطفيكِ غصنُ أراكةٍ ... فينوح من وَجدي عليه حَمام .
وتسير عيسُك كالقسيّ عَواطفاً ... فتصيرُ في الأحشاءِ وهي سِهام .
ويطول منك الظلم حتى أنه ... لولا جَبينُك قلتُ والإظلام .
وقال : .
ما زال يخدَعُ قلبَه حتى هفا ... برق يهُزّ الجوَّ منه مرهفا .
أَعشَى عيونَ الشُّهب حتى لم يدَع ... طرفاً لها إلا قضَى أن يطرفا .
وألاح فيها يستطيرُ كشاربٍ ... نشوَانَ رشَّ على الحديقة قَرقَفا .
وكأنما وافَى الظلام بعَزله ... فَتَلا عليه من الصباح ملطفا .
حتى إذا سطع الضياءُ وأشبهتْ ... في لُجةٍ حَبباً طفا ثم انطفا .
خَجِلَتْ خدود الزَّهر عنه بروضة ... غيداء قلّدها نداه وشَنَّفا .
أجرى النسيمُ بجانبَي ميدانها ... طِرفاً وجرّ على رُباها مُطرَفا .
وأغرَّ كفّ الوصل غُربّ جِماحه ... من بعدِ ما هجر المتَّيم ما كفى .
كلفتُ بدرَ التمّ مثل جماله ... وظلمته فلذا تبدّا أَكلفا .
أنا والمدامُ بكفه وجفونه ... ما شئتَ سَمِّ من الثلاثة مُدنفا .
أضحى يَحِنُّ ويَرجَحنُّ وإنّ من ... أحلى الحُلى متعطِّفا مُتعطِّفا .
هل كنتُ أسلو والخيانة شَأنُه ... أيكون ذلك حين فاءَ إلى الوفا .
وقال : .
كم مقلةٍ للشقيق والغَضّ رمداءِ ... إنسانها سابحٌ في دمع أنداءِ .
وكم ثغور أَقاحٍ في مراشِفها ... رُضابُ طائفةٍ بالرِّيّ وطفاء .
فما اعتذارك عن عذراء جامحةٍ ... لاحتْ كما لامستها راحةُ الماء .
نضَتْ عليها حُسامَ المجد فامتنعَت ... بلامةٍ للحباب الجمّ حصداء .
أما تَرَى الصبحَ يخفَى في دُجُنَّتِه ... كأنما هو سَقطٌ بين أحشاء