ثم لزم قيس المدينة وأقبل على العبادة حتى مات سنة ستين وقيل سنة تسع وخمسين للهجرة في آخر خلافة معاوية .
وكان رجلاً طوالاً أطلس لم يكن بوجهه شعر وهو القائل : اللهم ارزقني حمداً ومجداَ فإنه لا حمد إلا بفعال ولا مجد إلا بمال .
وهو القائل بصفين : .
هذا اللواء الذي كنا نحف به ... مع النبي وجبريل لنا مدد .
ما ضر من كانت الأنصار عيبته ... أن لا يكون له من غيرهم أحد .
قومٌ إذا حاربوا طالت أكفهم ... بالمشرفية حتى يفتح البلد .
وشكت غليه عجوز أنه ليس في بيتها جرذ فقال : ما أحسن ما سالت ! .
والله لأكثرن جرذان بيتك فملأ بيتها طعاماً وودكاً وإداماً .
وكان قد مرض مرة فاستبطأ عواده فقيل له : إنهم يستحيون من ديونك التي عليهم فأمر أن ينادى : كل من كان لقيس بن سعد عنده دين فهو له فأتاه الناس حتى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه .
الأنصاري الصحابي .
قيس بن عمرو ويقال : قس بن قمد وفيه خلاف كثير : له صحبة ورواة وهو جد يحيى بن سعيد الأنصاري .
وتوفي في حدود الستين للهجرة . وروى له ابو داود والترمذي وابن ماجة .
المنقري الصحابي .
قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد الحارث المنقري التميمي أبو علي وقيل أبو طليحة وقيل أبو قبيصة والأول اشهر : قدم في وفد تميم على رسول الله A سنة تسع فلما رآه النبي A قال : هذا سيد أهل الوبر .
وكان عاقلاً حليماً قيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم ؟ قال : من قيس بن عاصم رأيته يوماً قاعداً بفناء محتبياً بحمائل سيفه يحدث قومه فأتي برجل مكتوف وآخر مقتول فقيل : هذا ابن أخيك قتل ابنك قال : فوالله ما حل حبوته ولا قطع كلامه فلما أتمه التفت إلى ابن أخيه وقال : يا ابن أخي بئس ما فعلت أثمت بربك وقطعت رحمك وقتلت ابن عمك ورميت نفسك بسهمك .
ثم قال لابن أخيه : قم يا بني فوار أخاك وحل كتاف ابن عمك وسق إلى أمك مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة .
وكان قد حرم الخمر على نفسه في الجاهلية لأنه غمز عكنة ابنته وهو سكران وسب أباها ورأى القمر فتكلم بشيء وأعطى الخمار كثيراً من ماله فلما أفاق أخبر بذلك فحرمها على نفسه وقال فيها أشعاراً منها : .
رأيت الخمر صالحة وفيها ... خصالٌ تفسد الرجل الحليما .
فلا والله اشربها صحيحاً ... ولا أشفي بها أبداً سقيما .
ولا أعطي بها ثمناً حياتي ... ولا أدعو لها أبداً نديما .
فإن الخمر تفضح شاربيها ... وتجنيهم بهذا الأمر العظيما .
ومن شعره : .
إني امرؤ لا يعتري خلقي ... دنسٌ يفنده ولا أفن .
من منقرٍ في بيت مكرمةٍ ... والغصن ينبت حوله الغصن .
خطباء حين يقول قائلهم ... بيض الوجوه أعفة لسن .
لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم لحسن جواره فطن .
ولمات حضرته الوفاة دعا بينه قال : يا بني احفظوا عني فلا أجد لكم أنصح مكني : إذا مت فسودوا كباركم ولا تسودوا صغاركم فيسفه الناس كباركم وتهونوا عليهم .
عليكم بإصلاح المال فإنه منية للكريم ويستغنى به عن اللئيم . وإياكم ومسالة الناس فإنها آخر كسب المرء .
وروى عنه الحسن والأحنف وخليفة بن حصين وابنه حكيم بن قيس .
وتوفي في حدود الخمسين للهجرة . وروى له أبو داود والترمذي والنسائي .
وقال : إذا مت فلا تنوحوا علي فإن الرسول A لم ينح عليه .
وقال عبدة بن الطبيب يرثيه : .
عليك سلام الله قيس بن عاصمٍ ... ورحمته ما شاء أن يترحما .
تحية من غادرته عرض الردى ... إذا زار من بعدٍ بلادك سلما .
فما كان قيس هلك واحدٍ ... ولكنه بنيان قومٍ تهدا .
لعمرك ما وارى التراب فعاله ... ولكنهم واروا ثياباً وأعظما .
وسأله بعض الأنصار عما يتحدث به عنه في المؤودات فأخبره أنه ما ولدت له قط بنت إلا وأدها عنه