وروى حمَّاد بن زيد عن أبي هاشم أنَّ رجلاً جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال : لقد رأيتُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم في النوم أبو بكر عن يمينه وعمر عن شماله فإذا رجلان يختصمان وأنت بين يديه جالس فقال لك : يا عمر إِذا عملتَ فاعمل بعمل هذين لأبي بكر وعمر ؛ فاستحلفه عمر : بالله لرأيت هذا ؟ فحلف له فحلف له فبكى وقيل إنَّ عمرَ نفسه الذي رأى في المنام .
وتوفي عمر Bه بدير سمعان لعشرٍ بقينَ من شهر رجب سنة إحدى ومائة ؛ سقاه بنو أميَّة السُّمَّ لمَّا شدَّد عليهم وانتزع كثيراً مما في أيديهم . وصلَّى عليه يزيد بن عبد الملك وهو ابن تسع وثلاثين سنة وستة أشهر . وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة عشر يوماً لأنَّه بُويع له يوم الجمعة لعشرٍ خلون من صفر سنة تسع وتسعين بعهد من سليمان بن عبد الملك . وكان يكتب له ليث بن أبي رُقيَّة وكتب له مُزاحم مولاه وكان يحجبه حنس مولاه ومزاحم مولاه . ونقش خاتمه : عمر يؤمن بالله .
وهو الذي بنى الجحفة واشترى ملفيه من الروم بمائة ألف أسير . وروى له الجماعة . وله ذكر في ترجمة يعقوب بن دينار المعروف بالماجِشُون فليُطلب هناك . وكان له من الولد : عبد الملك وإسحاق ويعقوب وموسى وعبد الله وعبد العزيز وعبد الله الأصغر وعاصم وريَّان ومحمد الأصغر ويزيد وبكر وإبراهيم وآمنة وأمُّ عمار .
وفي عمر بن عبد العزيز Bه يقول الشريف الرضي : .
يا ابنَ عبد العزيز لو بكتِ العي ... نُ فتًى من أميَّةٍ لبكيتكْ .
غير أنِّي أقول إنَّك قد طِبْ ... تَ وإن لم يطبْ ولم يزكُ بيتكْ .
أنتَ نزَّهتنا عن السبِّ والقذ ... فِ فلو أمكن الجزءُ جزيتُكْ .
ولَوَ انِّي رأيت قبرك لاستح ... ييتُ من أن أُرى وما حيَّيتكْ .
وقليلٌ أنْ لو بذلتُ دماء ال ... بُدْن صِرفاً على الذُّرى وسقيتُكْ .
ديرَ سمعانَ فيك مأوى أبي حف ... صٍ فودِّي لو أنَّني آويتكْ .
أنت بالذكر بين عيني وقلبي ... إنْ دانيتُ منك أو إنْ نأيتكْ .
وعجيبٌ أنِّي قَلَيْتُ بني مر ... وانَ طُرًّا وأنَّني ما قليتكْ .
قَرُبَ العدلُ منك لمَّا نأى الجو ... رُ بهم فاجتويتهم واجتبيتُكْ .
فلَوَ انَّي ملكتُ دفعاً لما نا ... بك من طارق الردى لفديتُكْ .
قلتُ : والفضل ما شهدت به الأعداء .
ابن مازة البخاري الحنفي .
عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مازة أبو حفص بن أبي المفاخر البخاري علاّمة ما وراء النهر . تفقَّه على والده العلاّمة أبي المفاخر وبرع في مذهب أبي حنيفة وصار شيخ العصر . وتوفِّي سنة خمس وثلاثين وخمس مائة .
أبو حفص الشِّطرنجي .
عمر بن عبد العزيز أبو حفص الشِّطرنجي مولى بني العباس كان أبوه أعجميًّا من موالي المنصور ونشأ عمر في دار المهدي ومع أولاد مواليه فكان كأحدهم وتأدَّب وكان مشغوفاً بلعب الشطرنج ولمَّا مات المهدي انقطع إلى عُلَيَّة وخرج معها لمَّا زُوِّجت وعاد معها لمَّا عادت إلى القصر وكان يقول لها الأشعار في ما تريده من الأمور بينها وبين إخوتها وبني أخيها من الخلفاء فتنتحل بعض ذلك وتترك بعضه .
وقال محمد بن الجهم البرمكي : رأيتُ أبا حفص الشطرنجي فرأيتُ منه إنساناً يُلهيك حضوره عن كلِّ غائب وتسليك مجالسته عن كل الهموم والمصائب قربه عُرْسٌ وحديثه أُنْسٌ وجدُّه لعبٌ ولعبُه جدٌّ دَيِّنٌ ماجنٌ إن لبستَه على ظاهرة لبستَه مَومُوقاً لا تملّه وإنْ تتبَّعته لتنظرَ خبرته وقفتَ على مروءةٍ لا تطور الفواحش بجنباتها وكان ما علمته أقلّ ما فيه الشعر وهو الذي يقول : .
تجنَّبْ فإنَّ الحبَّ داعيةُ الحبِّ ... وكم من بعيد الدار مستوجبُ القربِ .
إِذا لم يكن في الحبِّ سخطٌ ولا رضًى ... فأين حلاواتُ الرسائل والكتبِ .
تفكَّر فإنْ حدِّثتَ أنَّ أخا هوًى ... نجا سالماً فارجُ النجاةَ من الحُبِّ