وكان تامَّ الشكل مسمَّناً وسيماً جميلاً حسن الأخلاق متواضعاً فاضلاً عاقلاً . درَّس بدمشق بعدّة مدارس ووليَ القضاء سنة ست وتسعين وست مائة . وصُرف القاضي بدر الدين فأحسن السيرة في الناس وداراهم وساس الأمور . ولمَّا بلغه خبر الهزيمة ركب وانجفل إلى القاهرة فأقام بها جمعةً وتوفي C تعالى وشيَّعه خلقٌ كثير وصُلِّي عليه بدمشق غائباً بعد مدَّة .
نور الدين الطَّالقاني الحنفي .
عمر بن عبد الرحمن بن جبريل الشيخ نور الدين الطَّالقاني الحنفي . كان إماماً في المذهب عارفاً بأصوله له معرفة بالعربية وفيه زهد وانقطاع . توفِّي سنة تسعين وست مائة .
أبو الحكم الكِرماني .
عمر بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الكِرماني القُرطبي أحد تلاميذ أبي القاسم المَجريطي كان أحد الراسخين في علم العدد والهندسة . قال القاضي صاعد : أخبرني تلميذه الحسين بن محمد المهندس المنجِّم عن الكِرماني أنَّه ما لقي أحداً يجاريه في علم الهندسة وفكِّ غوامضها واستيفاء أجزائها . رحل إلى المشرق وانتهى إلى حرَّان وعُني بطلب الهندسة ثمَّ رجع إلى الأندلس واستوطن سَرَقُسْطة وجلب معه رسائل إخوان الصَّفا ولا يُعلم أحدٌ أدخلها إلى الأندلس قبله . وله عنايةٌ بالطبّ ومجرَّباتٌ فاضلة فيه ونفوذ مشهورة في الكي والقطع والشقّ والبطّ ولم يكن بصيراً بالمنطق ولا بعلم النجوم . وتوفِّي بسرقسطة سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مائة وقد بلغ تسعين سنة .
عماد الدين خطيب القدس .
عمر بن عبد الرحيم بن يحيى بن إبراهيم الزُّهري الشافعي عماد الدين قاضي القدس وخطيبه كان يخطب ويقرأ الفاتحة قراءةً عجيبة من التبديل . وكان فخر الدين ناظرُ الجيش يعتني به فجمع له بين القضاء والخطابة وأقام بالخطابة زماناً وتوفي C تعالى سنة أربع وثلاثين وسبع مائة .
عمر بن عبد العزيز .
أمير المؤمنين .
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أمير المؤمنين أبو حفص الأموي Bه . ولد بالمدينة سنة ستسن للهجرة عام توفي معاوية أو بعده بسنة أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطَّاب .
روى عن أبيه وأنس وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وابن قارِظ ويوسف بن عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيَّب وعروة بن الزُّبير وأبي بكر ابن عبد الرحمن والربيع بن سبرة وطائفة .
وكان أبيض رقيق الوجه جميلاً نحيف الجسم حسن اللحية غائر العين بجبهته أثر حافر دابَّة ولذلك سمِّي أشجّ بني أميَّة وخطه الشيب قيل إنَّ أباه لمَّا ضربه الفرس وأدماه جعل أبوه يمسح الدم ويقول : إن كنتَ أشجَّ بني مروان إنَّك لسعيد رواه ضَمرة عنه .
بعثه أبوه إلى مصر يتأدَّب بها . كان يختلف إلى عبد الله بن عُبيد الله يسمع منه العلم فبلغه أن عمر ينتقص عليًّا Bه فقال له : متى بلغك أنَّ الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم ؟ ! .
ففهم وقال : معذرةً إلى الله وإليك لا أعود .
ولمَّا مات أبو عبد العزيز طلب عبد الملك بن مروان عمر إلى دمشق وزوَّجه بابنته فاطمة . وكان قبل الإمْرَة يبالغ في التنعُّم ويُفرط في الاختيال في المِشية . قال أنس Bه : ما صلَّيتُ وراء إمامٍ أشبهَ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز .
وقال زيد بن أسلم : كان يتمّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود .
سئل محمد بن علي بن الحسين عن عمر فقال : هو نجيب بني أميَّة وإنَّه يُبعث يوم القيام أمةً وحده . وقال عمرو بن ميمون بن مِهران عن أبيه : كانت العلماء مع عمر بن عبد العزيز تلامذة .
وقال نافع : بلغنا عن عمر أنه قال : إنَّ من ولدي رجلاً بوجهه شَيْنٌ يلي فيملأ الأرض عدلاً . قال نافع : فلا أحسبه إلاَّ عمر بن عبد العزيز . ولمَّا طلب للخلافة كان في المسجد فسلَّموا عليه بالخلافة فعُقر به فلم يستطع النهوض حتَّى أُخذ بضبعَيه فأصعدوه المنبر فجلس طويلاً لا يتكلَّم فلمَّا رآهم جالسين قال : ألا تقومون إلى أمير المؤمنين فتبايعونه ؟ فنهضوا إليه فبايعوه رجلاً رجلاً