ما صحَّ عند النَّاس شيءٌ سوى ... أنَّك من كلبٍ بلا شكِّ .
وقد مرَّ في ترجمة الشيخ تاج الدين الكندي شيءٌ من ذكر ابن دحية هذا . وكان شخصٌ من أدباء النصارى يتعصَّب لابن دحية ويزعم أن نسبه صحيح فقال فيه تاج العُلَى : .
يا أَيُّها العِيسِيُّ ماذا الذي ... تروم أن تُثبته في الصريحْ .
إنَّ أبا الخطَّاب من دحيةٍ ... شِبه الذي تذكره في المسيحْ .
ما فيه من كلبٍ سوى أنَّه ... ينبح طولَ الدهر لا يستريحْ .
أخْرَقُ لا يُهدَى إلى رُشدِهِ ... كالنَّار شرًّا وكلامٌ كريحْ .
فردَّه الله إلى غُرْبَةٍ ... أو هاهنا يستُرُه في الضريحْ .
فقال ابن دحية : .
يا ذا الذي يُعْزَى إلى هاشمٍ ... ذمُّك عندي في البرايا نَبِيحْ .
ألستُ أعلى الناس في حفظ ما ... يُسْنَدُ عن جَدِّكُمُ في الصحيحْ .
يكون حطِّي منكمُ طعنكم ... في نسبٍ زاكٍ عليَّ صريحْ .
وأعجبُ الأمر شقائي بكم ... وأنَّني أُحْمَى بقوم المسيحْ .
قلتُ : والله إنَّ ابن دحية معذور في هذا القول ولكنَّ حظَّ الأفاضل من الزمان هكذا ؛ سبحان من له الأمر .
الدمشقي محتسب حلب .
عمر بن حسن بن عمر بن حبيب العالمُ المحدِّث الفاضل زين الدين أبو حفص الدمشقي مُحْتَسِب حلب . ولد سنة ثلاث وستين وست مائة تقريباً . وسمع من ابن البخاري وابن شيبان وعليّ بن بَلَبان وطائفة ؛ وعُني بالحديث ورحل وسمع من ابن حمدان والأَبَرْقُوهي وسَيِّدة بنت دِرباس وخلق ونسخ وحصَّل الأَجزاء وخرَّج له الشيخ شمس الدين معجماً عن أزْيَدَ من خمس مائة شيخ بالسماع . وكان كثير الأَسفار فدخل في آخر عمره إلى الروم ثمَّ إلى مَراغة فتوفي هناك C تعالى سنة ست وعشرين وسبع مائة .
الخطَّاط البغداذي .
عمر بن الحسين الخطَّاط . كان كاتباً جليلاً مليح الخطّ يكتب الناس عليه وكان يكتب على طريقة ابن البوَّاب ويجيد ذلك . قال تاج الدين الكندي : بيعت آلة الكتابة التي خلَّفها عمر الخطاط من الدُّوِيّ والسكاكين وغير ذلك بتسع مائة دينار أميرية . وتوفي في بغداد . سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة ودفن في داره . وفيه يقول ابن الفضل الشاعر : .
عُمَيْرَةُ الخطَّاط أُعجوبةٌ ... لكلِّ من يدري ولا يدري .
لا يُحْسِنُ الخطَّ ولا يحفظ ال ... قرآنَ وهو الكاتب المُقْرِي .
الخِرَقي الحنبلي .
عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد أبو القاسم الخِرَقي الحنبلي . كان من أعيان الحنابلة وصنَّف في مذهبه كثيراً من جملة ذلك المختصر الذي اشتغل به أكثر الحنابلة . ولم تظهر مصنَّفاته لأنه خرج عن بغداذ لمَّا ظهر بها سبُّ الصحابة وأودع كتبه في دار فاحترقت . ومات وهو بدمشق . ودُفن في مقابر باب الصغير سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة . وكان أبوه من الأعيان أيضاً .
أبو حفصٍ المدني .
عمر بن الحكم بن ثَوْبان أبو حفص المدني . روى عن سعد بن أبي وقَّاص وأبي هُرَيرة وأبي سعيد وعبد الله بن عمرو وجماعة . وتوفي سنة سبع عشرة ومائة . وروى له مُسلم وأبو داود والنَّسائي وابن ماجَة .
الحَرَّاني .
عمر بن حياة بن قيس بن حياة الحرَّاني الشيخ أبو الفتح . توفي C سنة خمس وست مائة عن سبع وسبعين سنة كعمر أبيه .
ذُكر أن الملك المنصور محمد بن الملك العزيز عثمان بن الملك الناصر مرض بحرَّان فأُرسل إليه أنْ قد قيل إنَّ عافيتك أن تشربَ شراباً في مداس الشيخ عمر ابن الشيخ حياة ؛ فقال الشيخ عمر : هذا قبيح فقال : لا بُدَّ من هذا . فغسلوها وطيَّبوها وحُملت إليه وشرب فيها فعوفي بإذن الله تعالى . وأقام بعده في الزاوية أخوه أبو بكر عبد الله خمس عشرة سنة . ومات في سابع عشر ربيع الآخر سنة عشرين وست مائة عن ثمان وثمانين سنة . وقد تقدَّم ذكر والده الشيخ حياة بن قيس في مكانه من حرف الحاء .
كمال الدين الدُّنيسِري الشافعي