لك صورةٌ ذَلَّ الجمالُ لحسنها ... تقضي بِجَور في النفوس وتحكمُ .
ومن العجائب أنَّ طرفَك مُشْعِرٌ ... سُقْماً وأنتَ بسُقمهِ لا تعلمُ .
ومنه : .
ولما وقفنا للوداع ودوننا ... عيونٌ ترامى بالظنون ضميرُها .
أماطتْ عن الشمس المنيرةِ بُرْقُعاً ... فغيّبنا عن أعين الناسِ نورُها .
قلتُ : شعرٌ جيدٌ طبقةً .
القاضي الأكرم ابن القفطي الوزير جمال الدين .
علي بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد بن موسى ينتهي إلى بكر بن وائل وزير حال القاضي الأكرم الوزير جمال الدين أبو الحسن القفطي أحد الكتَّاب المشهورين المبرزين . وكان أبوه القاضي الأشرف كاتباً أيضاً وأُمّه امرأة بادية من العرب من قُضاعة وأمَّها جارية حبشيَّة . ولد بقفط من الصعيد الأعلى بالديار المصريَّة وأقام بحلب وكان يقوم بعلوم من اللغة والنحو والفقه والحديث وعلوم القرآن والأُصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل . ولد سنة ثمان وستين وخمس مائة وتوفِّي سنة ست وأربعين وست مائة . وكان صدراً محتشماً كامل السؤدد جمع من الكتب ما لا يوصف وقصد بها من الآفاق وكان لا يحبُّ من الدنيا سواها ولم يكن له دارٌ ولا زوجة ؛ وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب وكانت تساوي خمسين ألف دينار وله حكايات غريبة في غرامه بالكتب . وهو أخو المؤيَّد القفطي . ووفاته في شهر رمضان . وقال ياقوت : أنشدني لنفسه بحلب في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مائة : .
ضِدّانِ عندي قَصَّرا هِمَّتي ... وجهٌ حَيِيٌّ ولسانٌ وَقاحْ .
إن رُمْتُ أمراً خانني ذو الحيا ... ومِقْوَلي يُطْمعُني في النجاحْ .
فأنثني في حَيْرَةٍ منهما ... لي مِخْلَبٌ ماضٍ وما من جَناحْ .
شِبْهَ جبانٍ فَرَّ من مَعركٍ ... خوفاً وفي يمناه عَضْبُ الكفاح .
قال : وأنشدني له أيضاً : .
شيخٌ لنا يُعْزى إلى مُنْذرٍ ... مستقبَحُ الأخلاقِ والعَينِ .
من عَجَبِ الدَّهرِ فحدِّث به ... بفرْدِ عينٍ ولسانينِ .
قال : وأنشدني : .
إِذا وجَفَتْ منكَ الخيولُ لغارةٍ ... فلا مانعٌ إلاَّ الذي منع العهدُ .
نزلتَ بأنطاكيَّةٍ غيرَ حافلٍ ... بقلَّةِ جُنْدٍ إذْ جميع الوَرَى جُنْدُ .
فكم أهيفٍ جادتْه هيفُ رماحِكم ... وكم ناهدٍ أودى بها فرسٌ نَهْدُ .
لئن حَلَّ فيها ثعلبُ الغدرِ لاوُنٌ ... فَسُحقاً له قد جاءه الأسَدُ الوردُ .
وكان قد اغترَّ اللعينُ بلينكم ... وأعظمُ نارٍ حيث لا لَهبٌ يبدو .
جَنى النحلَ مغترًّا وفي النحل آيةٌ ... فطوراً له سُمٌّ وطوراً له شهدُ .
تَمُدُّكَ أجناد الملوك تَقرُّباً ... وجندُ السَّخين العينِ جَزْرٌ ولا مَدُّ .
تَهَنَّ بها بِكراً خطبتَ مِلاكها ... فأعطت يدَ المخطوب وانتظم العِقدُ .
فجيشك مَهْرٌ والبُنودُ حُمولُه ... وأسهمُكم نَثْرٌ وسُمْرُ القنا نَقْدُ .
وله من التصانيف : كتاب الضاد والظاء وهو ما اشتبه في اللفظ واختلف في الخط كتاب الدر الثمين في أخبار المتيَّمين كتاب من ألوتِ الأيام عليه فرفعته ثمَّ ألوت عليه فوضعته كتاب أخبار المصنفين وما صنَّفوه كتاب أخبار النحويين كبير كتاب تاريخ مصر من ابتدائها إلى أيام صلاح الدين ست مجلدات كتاب تاريخ المغرب كتاب تاريخ اليمن كتاب المحلَّى في استيعاب وجوه كلاّ كتاب إصلاح خلل الصحاح للجوهري كتاب الكلام على الموطَّأ ولم يتمّ كتاب الكلام على صحيح البخاري لم يتمّ كتاب تاريخ محمود بن سبكتكين وبنيه كتاب تاريخ السلجوقية كتاب الإيناس في أخبار آل مرداس كتاب الرد على النصارى وذكر مجامعهم كتاب مشيخة الكندي زيد بن الحسن كتاب نُهزة الخاطر ونزهة الناظر في أحاسن ما نقل من ظهور الكتب .
قال ابن سعيد المغربي : نظم الوزير المذكور بيتين في جاريةٍ اشتراها وهما : .
تَبَدَّتْ فهذا البدرُ من كَلَفٍ بها ... وحقَّك مثلي في دجى الليل حائرُ