علي بن يعقوب بن جبريل الإمام المفتي الزاهد نور الدين البكري المصري الشافعي . كان مطَّرحاً للكلفة نهَّاءً عن المنكر ؛ وثب مرَّةً على العلاّمة تقي الدين ابن تيمية ونال منه . ونزل دَهْروط وغيرها . توفِّي سنة أربع وعشرين وسبع مائة . قرأ على بنت المنجّا مسند الشافعي . وله تواليف وكان ديِّناً عفيفاً . ولمَّا استُعيرت البسُطُ والقناديل من جامع عمرو بن العاص بمصر لبعض كنائس القبط في يوم من أيام أعيادهم - ونُسب هذا الأمر إلى كريم الدين وفعل ما فعل - طلع البكري إلى حضرة السلطان وكلَّمه في ذلك وأغلظ القول له وكاد ذلك يجوز على السلطان لو لم يحلَّ بعض القضاة الحاضرين عليه وقال : ما قصَّرَ الشيخ كالمستهزئ به ؛ فحينئذٍ أغلظ السلطان في القول للبكري فخارت قواه وضعف ووهن فازداد تأليبُ بعض الحاضرين عليه فأمر السلطان بقطع لسانه . فجاء الخبر إلى صدر الدين بن الوكيل وهو في زاوية السُّعودي فركب حمار مُكارٍ للعجلة وصعد إلى القلعة فرأى البكري وقد أُخذ ليُمضى فيه ما أُمر به فلم يملك دموعه أن تساقطت وفاضت على خدِّه وبلَّت لحيته فاستمهل الشرطة عليه ثمَّ صعد الإيوان والسلطان جالسٌ به فتقدَّم إليه بغير إذن وهو باكٍ فقال له السلطان : خيرٌ يا صدر الدين فزاد بكاؤه ونحيبه فلم يزل السلطان يرفق به ويقول له : خيرٌ ما بك إلى أن قدر على الكلام فقال له : هذا البكريُّ من العلماء الصلحاء وما أنكر إلاَّ في موضع الإنكار ولكنَّه لم يُحسن التلطُّف . فقال السلطان : إي واللهِ أنا أعرف هذا إلاَّ هذا خطبَه . ثمَّ انفتح الكلام ولم يزل الشيخ صدر الدين بالسلطان يلاطفه ويرقِّقُه حتَّى قال له : خُذه ورُح فأخذه وانصرف . هذا كلُّه والقضاةُ حضورٌ وأمراء الدولة ملء الإيوان ما فيهم مَن ساعده ولا من أعانه إلاَّ أميرٌ واحد .
ابن أبي العَقِب الدمشقي .
علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر بن زامل بن أبي العَقِب أبو القاسم الهمداني الدمشقي محدّث الشام الثقة . توفِّي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة . ومن شعره : .
أَنِستُ بوحدتي ولزمتُ بيتي ... فدام العيشُ لي ونما السرورُ .
وأدَّبني الزمانُ فصرتُ فرداً ... وحيداً لا أُزارُ ولا أَزورُ .
ولستُ بقائل ما عشتُ يوماً ... أسارَ الجيشُ أم ركبَ الأميرُ .
متى تقنعْ تعِشْ ملكاً عزيزاً ... يَذِلُّ لعزِّكَ الملك الفخورُ .
عماد الدين الموصلي المقرئ الشافعي .
علي بن يعقوب بن شجاع بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أبي زهران الشيخ عماد الدين أبو الحسن المقرئ المجوِّد الموصلي الشافعي . كان إماماً بارعاً في القراءات وعللها ومشكلها بصيراً بالتجويد والتحرير حاذقاً بمخارج الحروف . انتهت إليه رئاسة الإقراء بدمشق . أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن وثيق الأندلسي وغير واحد . وكان فقيهاً مبرِّزاً يكرر على الوجيز للغزالي وحفظ الحاوي في آخر عمره . وكان جيّد المنطق والأُصول فصيحاً مفوَّهاً مناظراً وفيه عِشرة وبَأْوٌ وتِيه . صنف ل الشاطبية شرحاً يبلغ أربع مجلَّدات لكنَّه لم يكمله ولم يبيّضه وليَ الإقراء بتربة أم الصالح بعد الشيخ زين الدين الزَّواوي . وكان الشيخ زيد الدين يعظِّمه ويقدِّمه على نفسه . ولد سنة إحدى وعشرين وست مائة وتوفِّي سنة اثنتين وثمانين وست مائة . وكان والده فقيهاً فاضلاً شاعراً ؛ وكذا جدّه شجاع له شعر . دفن بمقبرة باب الصغير .
السيد أبو القاسم الواعظ .
علي بن يعلى بن عوض بن محمد بن حمزة ؛ ينتهي إلى عمر بن علي بن أبي طالب Bه أبو القاسم الواعظ من أهل هراة . كان من مشاهير خراسان في الوعظ والتذكير وكان مليح العبارة حلو الإشارة . جال في بلاد خراسان وظهر له القبول التام من الناس وأحبَّته القلوب . وقدم بغداذ وصادف قبولاً وأحبَّه الخاصُّ والعام . وكان يُظهر التسنُّن ويقول : أنا علويٌّ بلخي ما أنا علويٌّ كرخي . وسمع بهراة من محمد بن عبد الله الهَرَوي العُمري وعبد الأعلى بن عبد الواحد المَليحي والنجيب بن ميمون الواسطي ؛ وسمع بغير هراة . وتوفي بمرو الرُّوذ سنة سبع وعشرين وخمس مائة .
الكاتب البغداذي