حَسْبُ المُفَنِّدِ أنَّه يدري الهَوَى ... أو لا فحسبي أنّه لم يَدْرِهِ .
ومهفهفٍ أبدى الجمالُ بطرفه ... دعوى يُحقِّقُها النحولُ بخصرهِ .
أيقنتُ أنَّ الجُلَّنارةَ خدُّه ... لما بدا رُمَّانُها في صَدْرهِ .
وعلمتُ أنَّ الخندريسَ رُضابُه ... لما رأيتُ حَبابها في ثغرهِ .
قمرٌ يُذكِّرني الأصيلَ بوصله ... قسراً ويُنسيني الهجيرَ بهجرهِ .
وقال أيضاً : .
جُنَّ به العاذلُ لما رآهُ ... وعاد يستعذرُ ممّا جَناهْ .
أتاه كي يَهدي إلى سُلوة ... عنه فضلَّ العقلُ منه وتاهْ .
وهل يطيعُ القلبُ تفنيدَه ... وقد عصى لما نهتْهُ نُهاهْ .
الحبُّ بالكتمان غُفْلٌ فإنْ ... بُحْتَ به وشّاهُ قول الوشاهْ .
وما على العُذّال من مُغرمٍ ... شفاؤه ما ضمَّنتْه الشِّفاهْ .
هويتُه كالروض في حسنه ... إن رَضِيَتْ بالوصف مني حُلاهْ .
يُنير وجهاً وابتساماً فما ... تعرفُ منه الثغرَ لولا لماهْ .
إن لم يكن بدراً على بانةٍ ... فإنَّ بين المنظرين اشتباهْ .
أنكرَ من قتلي بألحاظه ال ... مرضى دماً تعرفه وجنتاهْ .
وشفَّني سُقْماً فما ضرَّه ... لو أبرأ الجسم الذي قد براهْ .
وقال : .
ألمَّ وطرفُ النجم قد كاد يغمضُ ... خيالٌ إِذا دبَّ الكرى يتعرَّضُ .
سرى ليَ من أقصى الشآم وبيننا ... فيافٍ على الساري تطول وتعرضُ .
هدتْه من الأشواق نارٌ دخانُها ... همومٌ عليه صبغةَ الليل تنفضُ .
وأرواه للعشاق دمعٌ تقطَّرت ... مرائرنا من مائه فهي عَرْمَضُ .
قلتُ : هذا معنًى بديعٌ جيدٌ إلى الغاية .
له الله من طيفٍ متى ذقتُ هجعةً ... أتتْني به خيلُ الأمانيِّ تركضُ .
يواصلني عمّن هو الدهرَ هاجرٌ ... ويُقْبِلُ لي عمّن هو الدهرَ مُعْرِضُ .
وما شاقني إلاَّ تألُّقُ بارقٍ ... أرِقْتُ له والجوُّ بالصبح يجرضُ .
وللغيم مسكٌ في ذرانا مطبّق ... وللظلّ كافورٌ لدينا مُرَضْرَضُ .
وقد أشربُ الصهباءَ من كفِّ شادنٍ ... حلاه على شُربِ المدام يُحَرِّضُ .
يروقُكَ خَدٌّ من للَّثمِ أحمرٌ ... ويُصبيك ثَغْرٌ منه للرشف أبيضُ .
فللحسن من هذا شقيق مذهَّب ... وللطيب من ذا أُقحوانٌ مفضَّضُ .
ونَدْمانِ صدقٍ قد بلوت وكلُّهم ... لودِّك يُصْفي أو لنصحك يمحضُ .
ترانا على بُسْط الأزاهر سحرةً ... نَعودُ نسيمَ الروض ساعةَ يمرضُ .
وقال : .
يا بانُ إن كان سكّانُ الحمى بانوا ... ففيضُ شاني له في إثرهم شانُ .
ويا حمائمُ إن لحَّنْتِ مسعدةً ... فلي على دوحة الأشواق ألحانُ .
أبكي الأحبَّةَ أو أبكي منازلهم ... فإن مضى ذكر نُعْمٍ قلتُ : نَعمانُ .
قد كان في تلك أوطارٌ نعمتُ بها ... ولَّتْ كما كان من هاتيك أوطانُ .
من لي بأقمار أُنسٍ في دجى طُرَرٍ ... أفلاكها العيسُ والأبراج أظعانُ .
تلك القدودُ مع الأرداف إن خطرتْ ... ما القضبُ قضبٌ ولا الكثبان كثبانُ .
سُقوا من الحُسن ماءً واحداً فبدا ... منهم لنا غيرُ صِنْوانٍ وصنوانُ .
يا يومَ توديعهم ماذا به ظفرتْ ... عيني من الحسن لو ولاه إحسانُ .
جئنا فولّى بها الإعراضُ من حذرٍ ... وكيف لم تتلفَّتْ وهي غِزلانُ .
من كلِّ فاتنةِ الخدَّين ناهدةٍ ... لو كان للَّثمِ أو للضمِّ إمكانُ .
يدلُّ في وجنتيها الجُلَّنارُ على ... أنّ الذي حاز منها الصدر رُمّانُ .
كم طرتُ شوقاً إليها في الرياح ضَنًى ... فَظُنَّ بلقيسَ وافاها سليمانُ .
وقال :