لعمرك إن لي نفساً تسامى ... إلى ما لم ينل دارا بن دارا .
فمن هذا أرى الدنيا هباء ... ولا أرضى سوى الفردوس دارا .
فأعجباني وقلت : في مادتهما دون مدتهما إلا أن بيتيه أحسن وأصنع من قولي : من الوافر .
لعمرك إن للباقي التفاتي ... وما لي نحو ما يفنى طريقه .
أرى الدنيا وما فيها مجازاً ... وما عندي سوى الأخرى حقيقه .
علاء الدين الكحال الصفدي علي بن عبد الكريم بن طرخان بن تقي الشيخ علاء الدين أبو الحسن ابن مهذب الدين الحموي الصفدي وكيل بيت المال بصفد . كان شكلاً حسناً أحمر الوجه منور الشيبة . كان يعرف بعلاء الدين الكحال . رأيته غير مرة بصفد . له تصانيف منها : كتاب القانون في أمراض العين وكتاب الأحكام النبوية في الصناعة الطبية . وكتاب مطالع النجوم في شرف العلماء والعلوم . وله غير ذلك من المجاميع الحديثية . توفي C في حدود العشرين وسبع مائة بصفد أظنه في سنة تسع عشرة أو ما قبلها أو ما بعدها .
ابن غالب علي بن عبد الكريم المعروف بابن غالب من أبناء المهدية بها تأدب . قال ابن رشيق : شاعر مذكور كثير الافتنان واسع العطن في أنواع علوم الدين والدنيا قدير في التطويل وركوب القوافي الصعبة العويصة سريع الصنعة يذهب في الشعر كل مذهب وينحو في الرجز نحواً عجيباً ويتعرب كثيراً . وأنا اقتصر من كلامه على ما جانس الوقت وناسب الطبقة . ومن ذلك قوله أول قصيدة : من الطويل .
دموع بأسرار المحب نواطق ... وقلب لما يلقى من الشوق خافق .
يذكرني أهل الحمى كل ليلةٍ ... خيال لهم تحت الدجنة طارق .
ولي بعد نومات الخلي من الهوى ... حقوق سجاياها الدموع الدوافق .
منها : .
أجلك إلا عن عتاب ونظرة ... وهذا المنى لو أن عيشاً يوافق .
وإني لعف النفس عن طرق الخنا ... كذاك الهوى للناس فيه طرائق .
وأورد له قوله : من الطويل .
يقول صحابي والنجوم حوائر ... أشدت بأمراس أم الليل سرمد .
كأن نجوم الليل بدل سيرها ... فصارت إلى نحو المشارق تقصد .
وأورد قوله : من الطويل .
سأصنع في ذم العذار بدائعاً ... فمن شاء يقضي بالدليل كما أقضي .
ألا إنه كاللام واللام شأنها ... إذا ألصقت بالاسم صار إلى نقض .
قال ابن رشيق : وكنت صنعت قديماً : من البسيط .
يا رب أحور أحوى في مراشفه ... لو جاد لي بارتشاف برء أسقامي .
خط العذار له لاماً بعارضه ... من أجلها يستغيث الناس باللام .
وأورد ابن رشيق لنفسه أيضاً : من الوافر .
رضيت بحبه في كل حال ... ولم أعطف على قيل وقال .
فلا تنقص بلامي عارضيه ... فإن اللام خاتمة الكمال .
وأورد لنفسه أيضاً : من السريع .
لم أسل إذ عذر من شفني ... عدراً وبعض العذر إيهام .
وعن قليل يلتحي أمرد ... قد خط من لحيته لام .
وأورد لنفسه أيضاً : من المجتث .
غزا القلوب غزال ... حجت إليه العيون .
قد خط في الصدغ خطاً ... وآخر الحسن نون .
وأورد لابن غالب : من الرجز المجزوء .
وساحر حفت به ... من حوله الحبائل .
فكل من يعشقه ... أيامه قلائل .
من مل من حياته ... ففيه موت عاجل .
كأنما أجفانه ... فيهن سيف قاتل .
كأنما عذاره ... من تحتها الحمائل .
علي بن عبد الملك .
أبو الحسن الطرسوسي علي بن عبد الملك بن سليمان بن دهثم الفقيه أبو الحسن الطرطوسي نزيل نيسابور . كان أديباً فصيحاً إلا أنه كان متهاوناً بالسماع والرواية . توفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة .
أبو طالب النحوي القزويني