علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح مولى عروة بن عطية السعدي الإمام أبو الحسن ابن المديني البصري . أحد الأعلام وصاحب التصانيف . ولد سنة إحدى وستين ومائة وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين . سمع أباه وحماد بن زيد وهشيماً وابن عيينة والدراوردي وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وجعفر بن سليمان الضبعي وجرير بن عبد الحميد وابن وهب وعبد العزيز بن أبي حازم وعبد الوارث والوليد بن مسلم وغندراً ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن علية وعبد الرزاق وخلقاً سواهم .
وروى عنه البخاري وأبو داود وروى الترمذي والنسائي عن رجل عنه وأحمد بن حنبل والذهلي وجماعة آخرهم وفاة عبد الله بن محمد بن أيوب الكاتب وأقدمهم وفاة شيخه سفيان بن عيينة . قال الخطيب : وبين وفاتيهما مائة وثمان وعشرون سنة . قال أبو حاتم : كان ابن المديني علماً في معرفة الحديث والعلل وما سمعت أحداً قط وإنما كان يكنيه إجلالاً له . وكان ابن عيينة يسميه حية الوادي . قال أبو قدامة السرخسي : رأيت فيما يرى النائم كأن الثريا تدلت حتى تناولتها . وقال ابن معين : كان ابن المديني إذا قدم علينا أظهر السنة وإذا ذهب إلى البصرة أظهر التشيع وقال الفرهياني وغيره : أعلم أهل وقته بالعلل علي بن المديني والظاهر أنه أجاب ابن أبي داؤد إلى مقالته خوفاً من السيف .
وقال محمد بن عثمان ابن أبي شيبة : سمعت علي بن المديني يقول قبل أن يموت بشهر : القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر وقال النووي الإمام أبو زكرياء : لابن المديني في الحديث نحو مائتي تصنيف . قال عباس العنبري : بلغ علي بن المديني ما لو قضى أن يتم على ذلك لعله كان يقدم على الحسن البصري . كان الناس يكتبون قيامه وقعوده ولباسه وكل شيء يقول أو يفعل أو نحو هذا ومات C ليومين بقيا من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين ومائتين بسامراء .
سيف الدولة ابن حمدان علي بن عبد الله بن حمدان بن الحرب بن لقمان بن راشد أبو الحسن بن أبي الهيجاء التغلبي سيف الدولة صاحب حلب ممدوح المتنبي وغيره . أصله من الجزيرة ونشأ ببغداد ولقبه الإمام المتقي لله سيف الدولة . كان فارساً بطلاً فقيهاً شاعراً أديباً بليغاً . ملك ديار مصر وديار بكر ودمشق وحلب . وكانت حلب دار ملكه ومقر عزه وله مع الروم أربعون وقعة له وعليه ومع غيرهم ما لا يحصى . قال سنان بن ثابت : أحصى من وفد عليه من الأجناد وأصحاب السلطان والكتاب والشعراء وعرب البرية وأصناف الناس وذلك في عشر الأضحى فكانوا اثني عشر ألفاً ومائتين . فأنفذ لكل واحد من الأضحية على قدره من مائة إلى شاة . ولزمه في فداء الأسرى سنة خمس وخمسين وثلاث مائة ست مائة ألف دينار . وكان ذلك خاتمة عمله لأنه مات بعد ذلك بقليل . واشترى كل أسير من الضعفاء بثلاثة وثمانين ديناراً وثلث دينار رومية . فأما الجلة من الأسرى ففادى بهم أسارى عنده من الروم من رؤسائهم . وكانت أخته قد توفيت وخلفت خمس مائة ألف دينار فصرفها في هذا الوجه فقال الببغاء : من الكامل .
ما المال إلا ما أفاد ثناءً ... ما العز إلا ما حمى الأعداء .
وفديت من أسر العدو معاشراً ... لولاك ما عرفوا الزمان فداء .
كانوا عبيد نداك ثم شريتهم ... فغدوا عبيدك نعمة وشراء .
وكان سيف الدولة بليغاً كتب إلى أبي فراس : كتابي ويدي في الكتاب ورجلي في الركاب وأنا أسرع من الريح الهبوب والماء إلى الأنبوب . ومولده ببغداد سنة اثنتين وثلاث مائة وتوفي سنة ست وخمسين وثلاث مائة بالفالج وقيل بعسر البول بحلب في شهر صفر . وحمل إلى ميافارقين ودفن عند أمه . وكان قد جمع من نفض الغبار الذي يجتمع عليه أيا الحروب ما جاء منه لبنة بقدر الكف فأوصى أن يوضع خده عليها في قبره ففعل به ذلك