من يعز المخلفين بميت ... فليعز بفقدك المسلمينا .
عم فيك المصاب حتى لقينا ... كل حي أودى به ما لقينا .
فكأنا لم ندر قبلك رزءاً ... أوكأنا لم ندر من قد رزينا .
غال صرف الحمام من كان يحيي ... سنة الدين والكتاب المبينا .
لو أمنا من القلوب جواها ... لوددناك في القلوب دفينا .
أو قبلت المجرحين مضى نعشك ... تعلو خدودنا والعيونا .
مرسلاً جا حديث دمعي ... وكم قد بلغت منه أربع أربعينا .
يا إماماً على حديث رسول الله ... أضحى في الله حصناً حصينا .
بأبي منك بحر علم روينا ... عنه لكن مضى وما إن روينا .
وعجبنا من حال أعواد نعش ... لم تعد يوم جاورتك غصونا .
نضر الله للزكي محيا ... يستمد الصباح منه جبينا .
وجزاه خيراً إذا أذن الله ... بحسن الجزاء للمحسنينا .
ومن مناقبه الصالحة ؛ ما ذكره لي قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي السبكي ؛ قال : لما توفي ابنه محمد صبر واحتسب ولم يخرج مع جنازته ؛ بل اتبعه إلى باب المدرسة الكاملية لا غير ولم يرح إلى قبره ولا كان يزوره وكان ولده محمد معيداً عنده في الكاملية وكانت بينه وبين الشيخ شرف الدين الدمياطي صورة جرت العادة بها بين المتناظرين في الطلب والاشتغال وكان الشيخ زكي الدين يعرف ما بينهما من التحاسد والعداوة ؛ ولما مات محمد كان الشيخ شرف الدين في الحجاز ؛ فلما وصل من الحجاز جاء إليه الشيخ زكي الدين إلى بيته ؛ فدق عليه الباب ؛ فقال : من ؟ قال : أنا عبد العظيم ! .
فخرج إليه مدهوشاً لحرمته وعظمته فقال له : محمد مات ! .
وقد وليتك مكانه في الإعادة ! .
رحمهم الله أجمعين .
خطيب مالقة .
عبد العظيم بن عبد الله ابن أبي الحجاج . ابن الشيخ البلوي . الخطيب العلامة . أبو محمد . شيخ مالقة . أدرك جده وسمع منه قليلاً وصنف تصانيف . وله اختيارات لا يقلد فيها أحداً . كان عاكفاً على إقراء المستصفى والجواهر الثمينة . ولازمه أبو جعفر ابن الزبير سنين للاشتغال عليه .
وتوفي سنة ست وستين وست ماية .
ابن شرف الدين الدمياطي .
عبد العظيم بن عبد المؤمن . زكي الدين . ابن الشيخ شرف الدين الدمياطي . مات كهلاً سنة ثلاث وعشرين وسبع ماية .
وكان شيخ الظاهرية بالقاهرة .
عبد الغافر .
ركن الدين السروستاني .
عبد الغافر ركن الدين السروستاني . الفقيه الشافعي . قدم بغداد ونزل بالنظامية . وكان أديباً فاضلاً . غلب عليه العشق حتى حمل إلى البيمارستان وقيد . وكان عفيفاً مستوراً . فلما أبل من المرض لم يقم ببغداد خجلاً . وكان حياً بأصبهان في سنة ست أو سبع وأربعين وخمس ماية .
ومن شعره : .
ناحت ورقاء على فنن ... نوح المشتاق على الدمن .
ناحت وتغنت هاتفة ... بالشجو تبوح وبالشجن .
إن كان رضاكم في سهري ... فسلام الله على الوسن .
الحافظ الفارسي .
عبد الغافر بن إسماعيل ابن أبي الحسين عبد الغافر . هو الحافظ أبو الحسين الفارسي . مصنف السياق لتاريخ نيسابور وله معجم الغرائب في غريب الحديث والمفهم لشرح مسلم . كان إماماً محدثاً حافظاً أديباً كاملاً فصيحاً مفقهاً . روى عنه ابن عساكر بالإجازة .
وتوفي سنة تسع وعشرين وخمس ماية .
قال ياقوت : نقلت من خطه الذي يفوق أصداغ الملاح قصائد تفوق سلاف الراح ؛ قوله : .
بالله لا تستري عنا محياك ... ولا تضني على صب بلقياك .
حيي فؤاداً لقد عذبت مهجته ... حياك ربك بالنعمى وبياك .
يا ليت شعري وقد أصبحت ساهية ... أريقك العذب أحلى أم حمياك .
بذلت ديني مع الدنيا وآخرتي ... والعمر فيك فجودي لي بدنياك .
وقوله : .
وبي ظمأ أعداد سبعة أبحر ... تقاصر أن تشفي غليل أواره .
ترقرق من عيني دمع أظنه ... يطبق وجه الأرض إن لم أواره .
وقوله : .
رحت في سكرة اللذات آونة ... ألقى المسرات ما لي دونها شغل