وكان ناسكاً ورعاً أماراً بالمعروف نهاء عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم ولي خطابة دمشق بعد الدولعي فلما تملك الصالح إسماعيل دمشق وأعطى الفرنج صفد والشقيف نال ابن عبد السلام منه على المنبر وترك الدعاء له فعزله وحبسه ثم أطلقه فنزح إلى مصر فلما قدمها تلقاه الصالح نجم الدين أيوب وبالغ في احترامه واتفق موت قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة فولي بدر الدين السنجاري قضاء القاهرة . وولي عز الدين قضاء مصر والوجه القبلي مع خطابة جامع مصر . ثم إن بعض غلمان وزير الصالح وهو معين الدين ابن الشيخ بنى بنياناً على سطح مسجد بمصر وجعل فيه طبلخاناه معين الدين فأنكر عز الدين ذلك ومضى بجماعته وهدم البنيان وعلم أن السلطان والوزير يغضبان فاشهد عليه بإسقاط عدالة الوزير وعزل نفسه عن القضاء فعظم ذلك على السلطان وقيل له : اعزله عن الخطابة وإلا شنع عليك على المنبر كما فعل في دمشق فعزله فأقم ببيته يشغل الناس .
وكان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنادرة والشعر وكان يحضر السماع ويرقص ويتواجد . وأرسل إليه السلطان لما مرض وقال : عين مناصبك لمن تريد من أولادك ؟ فقال : ما فيهم من يصلح وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين ففوضت إليه بعده . ولما مت شهد الملك الظاهر جنازته والخلائق .
واختصر نهاية المطلب وله القواعد الكبرى والقواعد الصغرى ومقاصد الرعاية والناس يقولون في المثل : " ما أنت إلا من العوام ولو كنت ابن عبد السلام " . ويقال إنه لما حضر بيعة الملك الظاهر قال له : يا ركن الدين أنا أعرفك مملوك البندقدار فما بايعه حتى جاء من شهد له بالخروج عن رقه إلى الصلاح وعتقه C تعالى ورضي عنه . وملا كان بدمشق سمع من الحنابلة أذى كثيراً وكان الشيخ عز الدين يكتب خطاً حسناً قوياً وفيه يقول الشيخ جمال الدين أبو الحسين الجزار : الخفيف .
سار عبد العزيز في الحكم سيراً ... لم يسره سوى ابن عبد العزيز .
عمنا حكمه بعدل بسيط ... شامل للورى ولفظ وجيز .
عبد العزيز بن عبد الصمد .
عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري . وثقه أحمد بن حنبل وغيره . توفي في حدود التسعين ومائة وروى له الجماعة .
صائن الدين الجيلي .
عبد العزيز بن عبد الكريم . هو الشيخ الإمام صائن الدين الهمامي الجيلي الشافعي شرح التنبيه شرحاً حسناً وجوده وله شرحان للتنبيه كذا قال في أول الشرح المشهور له وشرح الوجيز والفقهاء يرمونه بالكذب في نقوله . وقد قال هو : والوجوه المذكورة في الكتب المشهورة بين أصحاب الشافعي Bه وعنهم من الوسيط والبسيط والشامل والتهذيب والتجريد والخلاصة والحلية والحاوي والشافي والكافي والتتمة والنهاية ومختصرها وبحر المذهب والإيضاح والإبانة ومختصر المزني والمستظهري والمحيط والتلخيص والبيان وشرح البيضاوي وتبصرة الجويني وتحرير الجرجاني والمحرر ومهذب أبي الفياض البصري وغيرها . ولا يبادر الناظر فيه بالإنكار لا بعد مطالعة الكتب المذكورة إذ لا معصوم إلا الأنبياء عليهم السلام .
ابن الصيقل الحراني .
عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن الصيقل عز الدين أبو العز الحراني . مسند الديار المصرية بعد أخيه روى عن يوسف بن كامل وضياء بن الخريف وأبي الفرج محمد بن هبة الله بن الوكيل وأبي حامد بن جوالق وسعيد بن محمد بن ابن محمد بن محمد بن عطاف وأبي علي يحيى بن الربيع الفقيه وابن طبرزد وأحمد بن الحسن العاقولي وابن الأخضر وعزيزة بنت الطراح وعبد القادر الزهاوي وجماعة . وبالإجازة عن ابن كليب . وتفرد في وقته ورحل إليه وكان من التجار المعروفين كأخيه ثم افتقر . روى عنه ابن الخباز والدمياطي وابن الزراد وأبو محمد الحارثي والمزي وأبو حيان وأبو عمر وابن الظاهر والبرزالي وفتح الدين ابن سيد الناس وخلق . وهو أكبر شيخ لقيه المزي والبرزالي ولد بحران سنة أربع وتسعين وخمس مائة وحدث سنة تسع وثلاثين وست مائة وتوفي سنة ست وثمانين وست مائة .
الرفيع الجيلي