إذا الحبيبان باتا تحت جانبه ... غابت أوائله في آخر السحر .
ما ذاك إلا لأن الصباح نم بنا ... فأطلع الشمس من غيظ على القمر .
ومنه : الوافر .
أما ومقلدات مني يميناً ... ومن جمع الحجيج بأرض جمع .
لقد مازجت حبك في فؤادي ... كما مازجت بين دمي ودمعي .
وأنزلك الهوى مني مكاناً ... أعز علي من بصري وسمعي .
ومنه : الطويل .
وبتنا أعف البائتين منتشاً ... على أن عين الريب أفعالنا تبدي .
صريعي هوى منه فم فوقه فم ... وجيد على جيد وخد على خد .
وقد لفنا حبل العناق كأنما ... خلقنا كلانا للمحبة في جلد .
ومنها : .
وما عمرت شم الرواسي لعظمها ... ولكنها لم تدر ما ألم الوجد .
ولو مسها بعض الذي مس مهجتي ... سمعت أنين الحب من حجر صلد .
الواجكا اللغوي .
عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبد الله البصري أبو أحمد بن القرميسيني ويلقب بالواجكا اللغوي صاحب الخط المليح والضبط الفصيح . توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وثلاث مائة . ورد بغداذ وحدث بها وكان صدوقاً عالماً أديباً قارئاً عارفاً بالقراءات وكان يتولى النظر بدار الكتب التي أنشأنها الوزير سابور . وكان سمحاً سخياً وربما جاءه السائل وما معه شيء فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة . وقرأ على أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي . ومن شعره : مجزوء الكامل .
قمر يتيه على القمر ... أهدى لعيني السهر .
ولقد سعدت بقربه ... لو كان ساعدني القدر .
لكن شقيت ببعده ... لم أقض في القرب الوطر .
ولقد سقاني هجره ... كأساً أمرَّ من الصبر .
وإذا ذكرت حديثه ... ظلت دموعي تبتدر .
أبو طالب المأموني .
عبد السلام بن الحسين أبو طالب المأموني من أولاد المأمون توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة . ورد الري وامتدح الصاحب بن عباد بقصائد فأعجبه نظمه وتقدم عنده فدبت عقارب الحسد له ورماه ندماء الصاحب بالدعوة في بني عباس وبالغلو في النصب واعتقاد تكفير الشيعة والمعتزلة وبهجاء الصاحب ويحلفون على انتحال ما يظهر من الشعر حتى تكامل لهم إسقاط منزلته حتى قال قصيدته الغراء وطلب الإذن للرحيل وأولها : البسيط .
يا ربع لو كنت دمعاً فيك منسكباً ... قضيت نحبي ولم أقض الذي وجبا .
لا تنكرن ربعك البالي بجسدي ... فقد شربت بكأس الحب ما شربا .
ولو أفضت دموعي حسب واجبها ... أفضت من كل عضو مدمعاً سربا .
عهدي بربعك للذات مرتبعاً ... فقد غدا للغوادي السحب منتحبا .
فيا سقاك أخو جفني السحاب حياً ... يحبو ربا الأرض من نور الرياض حبا .
ذو بارق كسيوف الصاحب انتضيت ... ووابل كعطاياه إذا وهبا .
منها : .
وعصبة بات فيها الغيظ متقداً ... إذ شدت لي فوق أعناق العدى رتبا .
فكنت يوسف والأسباط هم وأبو ال ... أسباط أنت ودعواهم دماً كذبا .
ومن يرد ضياء الشمس إن شرقت ... ومن يسد طريق الغيث إن سكبا .
قد ينبح الكلب ما لم يلق ليث شرى ... حتى إذا ما رأى ليثاً مضى هربا .
أرى مآربكم في نظم قافية ... وما أرى لي في غير العلى أربا .
عدوا عن الشعر إن الشعر منقصة ... لذي العلاء وهاتوا المجد والحسبا .
فالشعر أقصر من أن يستطال به ... أكان مبتدعاً أم كان مقتضبا .
ومنها : ًأسير عنك ولي في كل جارحة فم بشكرك يحوي منطقاً ذربا .
إني لأهوى مقامي في ذراك كما ... تهوى يمينك في العافين أن تهبا .
لكن لساني يهوى السر عنك لأن ... يطبق الأرض مدحاً فيك منتخبا .
أظنني بين أهلي والأنام هم ... إذا ترحلت عن مغناك مغتربا