عبد الرحمن أبو زيد السالمي من أهل أستجه . قال ابن الأبار في تحفة القادم : حدثت عن أبي القاسم ابن الطيلسان القرطبي قال : أنشدني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الزهراوي قال : أنشدني الأستاذ أبو القاسم بن غالب وقد حدثني أبو سليمان بن حوط الله القاضي وغيره عن أبي غالب هذا ويعرف بالشراط قال : لقيت السالمي برحبة القريش بقرطبة فأنشدني لنفسه وقد صحب فتى اسمه عيسى ثم ترك صداقته وانتقل إلى صداقة آخر اسمه محمد فقال في ذلك : الطويل .
تسليت عن عيسى بحب محمد ... هديت ولولا الله ما كنت أهتدي .
وما عن قلى مني سلوت وإنما ... شريعة عيسى عطلت بمحمد .
قلت : المشهور أن هذين البيتين لإبراهيم بن سهل وهي في محبوبه موسى الذي يكثر من ذكره في شعره وأنه لما قالهما ألزم بالإسلام وقيل له : قد اعترفت بنسخ شريعة عيسى .
أبو زيد الجياني .
عبد الرحمن أبو زيد الجياني المعروف بالنجاري بالنون والجيم سكن بياسة وتوفي سنة سبع وست مائة . خرج يوماً مع أبي بحر صفوان بن إدريس بمرسية يطوفان على ضفة نهرها فوقفا على الدولاب الملاصق للقصر فقال النجاري : الطويل .
وباكية تبكي فيسلي بكاؤها ... وما كل ما يبكي إذا ما بكى يسلي .
فقال أبو بحر : .
كأن بكاها من سرور بدمعها ... يثير سروراً في جوانح ذي خيل .
فقال النجاري : .
فيا عجباً ينهل واكف دمعها ... سريعاً وإن كانت تدور على رسل .
فقال أبو بحر : .
كذاك السحاب الغر ترسل دمعها ... سريعاً وتمشي في السماء على مهل .
فقال النجاري : .
تسلسل منها الماء من كل جانب ... فخطتها من عبرة الصب تستملي .
فقال أبو بحر : .
كأن السحاب الغر ألقت بسرها ... إليها فلم تكتم وضاقت عن الحمل .
من شعر النجاري أيضاً : المتقارب .
إذا هان عندك ترك الدنا ... فليس يؤدك ما تحمل .
فجد بالتوسط في كل أمر ... إذا ما وليت هو الأجمل .
وفكر فلا بد من آخر ... إليه انتهى قبلك الأول .
ولا تتمن علواً كثيراً ... فإن على قدره تنزل .
عبد الرحيم .
ابن البارزي .
عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان القاضي نجم الدين الجهني الحموي الشافعي المعروف بابن البارزي قاضي حماة وابن قاضيها شرف الدين . ولد بحماة سنة ثمان وست مائة وتوفي سنة ثلاث وثمانين وست مائة . وحدث عن موسى ابن الشيخ عبد القادر وسمع منه ابنه والحافظ أبو العباس بن الظاهري وولده أبو عمرو وعثمان والبدر أبو عبد الله النحوي . وكان إماماً فاضلاً فقيهاً أصولياً أديباً شاعراً له خبرة بالعقليات ونظر في الفنون وقد سمع من القاسم بن رواحة وغيره وسماعه من موسى بدمشق وقد حكم قديماً بحماة بحكم النيابة عن والده شمس الدين ثم ولي بعده ولم يأخذ عن القضاء رزقاً وعزل عن القضاء قبل موته بأعوام وكان مشكور الأحكام وافر الديانة محباً للفقراء والصالحين درس وأفتى وصنف وأشغل وخرج له الأصحاب في المذهب توجه للحج فأدركته المنية وحمل إلى المدينة ودفن في البقيع .
قال الشيخ شمس الدين : أنشدني أبو عبد الله محمد بن يعقوب النحوي قال : أنشدني القاضي نجم الدين البارزي لنفسه في القلم : الكامل .
ومثقف للخط يحكي فعل سم ... ر الخط إلا أن هذا أصفر .
في رأسه المسود إن أجروه في ال ... مبيض للأعداء موت أحمر .
ومن شعره وهو تشبيه سبعة أشياء بسبعة : الطويل .
يقطع بالسكين بطيخة ضحى ... على طبق في مجلس لأصاحبه .
كبدر ببرق قد شمساً أهلةً ... لدى هالة في الأفق بين كواكبه .
قلت : وهذا يشبه قول الآخر : الطويل .
ولما بدا ما بيننا منية النفس ... يحزز بالسكين صفراء كالورس .
توهمت بدر التم قد أهلة ... على أنجم بالبرق من كرة الشمس .
والأصل في هذا لابن قلاقس الإسكندري حيث قال : المتقارب .
أتانا الغلام ببطيخة ... وسكينة قد أجيدت صقالا .
فقطع بالبرق شمس الضحى ... وأهدى لكل هلالاً هلالا .
بل للآخر حيث قال : الكامل