عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري المدني الفقيه سمع أباه وسعداً بن أبي وقاص وأبا رافع وكان ثقة قليل الحديث . وتوفي سنة تسع وثمانين للهجرة وروى له مسلم .
ابن مسافع الشاعر .
عبد الرحمن بن مسافع بن دارة وقيل هو عبد الرحمن بن ربعي بن مسافع وأخوه مسافع بن مسافع وكلاهما شاعران وأخوهما سالم بن مسافع ابن دارة شاعر أيضاً . فأما سالم أخوهما فمخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وأما عبد الرحمن ومسافع فإسلاميان لما أخذ السمهري العكلي اللص وحبس وقتل كانت بنو أسد قد أخذته وبعثت به إلى السلطان وكان نديماً لعبد الرحمن فقال عبد الرحمن يهجو بني أسد ويحرض عكلا : الطويل .
إن يمس بالعينين سقم فقد أنا ... لعينيك من طول البكاء على جمل .
يهيم بها لا الدهر فان ولا المنى ... سواها ولا تسلوا بأهل ولا شغل .
كبيضة أدحي بميث خميلة ... يخففها جون بجوجؤه الصعل .
منها : الطويل .
ويا راكباً إما عرضت مبلغاً ... على نأيهم مني القبائل من عكل .
وكيف تنام الليل عكل ولم تنل ... رضا قود بالسمهري ولا عقل .
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتوقد نار الحرب بالحطب الجزل .
وجرد تعادي بالكماة كأنها ... تلاحظ من غيظ بأعينها القبل .
علام تمشي فقعس بدمائكم ... وما هي بالفرع المنيف ولا الأصل .
وكنا حسبنا فقعساً قبل هذه ... أذل على وقع الهوان من النعل .
فقد نظرت نحو النجوم وسلمت ... على الناس واعتاضت بخصب من المحل .
وإن أنتم لم تثأروا بأخيكم ... فكونوا بغايا للخلوق وللكحل .
وبيعوا الردينيات بالحلي واقعدوا ... على الذل وابتاعوا المغازل بالنبل .
وهي قصيدة طويلة فاعتضه الكميت بن معروف الفقعسي فعيره بقتل زميل الفزاري سالم بن دارة وقال : الطويل .
فلا تكثروا فينا الضجاج فإنه ... محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا .
ثم إن بني أسد ظفرت بعبد الرحمن بعدما أكثر من سبهم وهجائهم فتآمروا في قتله فقال بعضهم : لا نقتله ولكن نأخذ عليه أن يمدحنا فنحسن إليه فيمحو بمدحه ما سلف من هجائه . فأتى رجل منهم كان قد عضه بهجائه فضربه بسيفه فقتله وقال : الكامل .
قتل ابن دارة بالجزيرة سبنا ... وزعمت أن سبابنا لا يقتل .
ويقال إن البيت الأول لهذا القائل أيضاً .
عبد الرحمن الداخل .
عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي الداخل إلى الأندلس وهو أول من ملك الأندلس وانفلت من بين يدي بني العباس وأبعد إلى المغرب . أقام ببرقة خمس سنين ودخل بدر مولاه يتجسس له الأخبار فقال للمضرية : لو وجدتم رجلاً من أهل الخلافة أكنتم تبايعونه ؟ فقالوا : وكيف لنا بذلك ؟ فقال بدر : هذا عبد الرحمن بن معاوية فأتوه فبايعوه فولي عليهم ثلاثاً وثلاثين سنة وكان دخوله الأندلس سنة تسع وثلاثين ومائة وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين ومائة وكانت ولايته ثلاثاً وثلاثين سنة وأربعة اشهر وكان يوسف الفهري أول من قطع الدعوة عنهم وكانوا من قبله يدعون لولد عبد الملك بن مروان بالخلافة فأبطل يوسف ذلك فلما دخل عبد الرحمن قاتل يوسف واستولى على البلاد وبقي ملك الأندلس بأيدي أولاده إلى رأس الأربع مائة .
وكان عبد الرحمن من أهل العلم على سيرة جميلة من العدل في قضائه وكانوا يقولون : ملك الدنيا ابنا بربريتين يعنون المنصور وعبد الرحمن وكان المنصور إذا ذكر له عبد الرحمن قال : ذاك صقر قريش دخل المغرب وقد قتل قومه فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية حتى تملك . قال ابن حزم : خطب عبد الرحمن بالخلافة لأبي جعفر المنصور أعواماً ثم ترك الخطبة ولم تهجه بنو العباس ولا تعرض هو لهم . وكان بقرطبة جنة اتخذها عبد الرحمن وكان فيها نخلة تولدت منها كل نخلة بالأندلس . وتوفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين ومائة