هم سلبوني حسن صبري إذ بانوا ... بأقمار أطوافٍ مطالعها البان .
لئن غادروني باللوى إن مهجتي ... مسايرةٌ أضعانهم حيثما بانوا .
سقي عهدهم بالخيف عهد غمائمٍ ... ينازعها مزنٌ من الدمع هتان .
أأحبابنا هل ذلك العهد راجعٌ ... وهل لي عنكم آخر الدهر سلوان .
ولي مقلة عبرى وبين جوانحي ... فؤاد إلى لقياكم الدهر حنان .
تنكرت الدنيا لنا بعد بعدكم ... وحلت بنا من معضل الخطب ألوان .
من مديحها : من الطويل .
رحلنا سوام الحمد عنها لغيرها ... ولا ماءها صدى ولا النبت سعدان .
إلى ملك حاباه بالحسن يوسف ... وشاد له المجد الرفيع سليمان .
من النفر الشم الذين أكفهم ... غيوثٌ ولكن الخواطر نيران .
كان لابن الحاج صاحب قرطبة ثلاثة بنون يسمى أحدهم عزون والثاني رحمون والثالث حسنون وكانوا صغاراً في حد الحلم وهم من أجمل الناس صورةً وكانوا يقرؤون القرآن على المقرئ ويختلفون إليه في الجامع وكان أبو محمد البطليوسي قد أولع بهم ولم يمكنه صحبتهم إذ كان من غير زيهم فكان يجلس في الجامع تحت شجرةٍ كانت في وسطه بكتابٍ يقرأ فيه يتحين وقت خروجهم ولم يكن له منهم حظ غير ذلك فقال : من البسيط .
أخفيت سقمي حتى كاد يخفيني ... وهمت في حب عزونٍ فعزوني .
ثم ارحموني برحمونٍ فإن ظمئت ... نفسي ريق حسنونٍ فحسوني .
القاضي ابن عصرون عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون ابن أبي السري قاضي القضاة شرف الدين أبو سعد التميمي الموصلي الفقيه الشافعي أحد الأئمة الأعلام . تفقه على القاضي المرتضى الشهرزوري وأبي عبد الله الحسين بن خميسٍ الموصلي وقرأ السبع على أبي عبد الله البارع والعشر على أبي بكر المزرفي والنحو على أبي الحسن بن دبيس . ودخل حلب ودرس بها وأقبل عليه صاحبها نور الدين . ولما أخذ دمشق ورد معه إليها ودرس بالغزالية ثم عاد إلى حلب وولي قضاء سنجار وحران وديار ربيعة ثم عاد إلى دمشق فولي بها القضاء وبنى له نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وبنى هو لنفسه مدرسةً بحلب وأخرى بدمشق وأضر آخر عمره وهو قاضٍ . وصنف جزءاً في جواز قضاء الأعمى وهو خلاف مذهبه وفي جوازه وجهان والجواز أقوى لأن الأعمى أجود من الأصم والأعجمي . وكتب السلطان صلاح الدين كتاباً بخطه إلى القاضي الفاضل يقول فيه إن القاضي قال : إن قضاء الأعمى جائز والفقهاء يقولون غير جائز فتجتمع بالشيخ أبي الطاهر بن عوف الأسكندراني وتسأله عما ورد من الأحاديث في قضاء الأعمى . ووفي سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة . ومن تصانيفه صفوة المذهب في نهاية المطلب سبع مجلدات والانتصار في أربع مجلدات والمرشد في مجلدين والذريعة في معرفة الشريعة والتيسير في الخلاف أربع مجلدات ومآخذ النظر ومختصر في الفرائض والإرشاد في نصرة المذهب وماتم والتنبيه في معرفة الأحكام وفوائد المهذب في مجلدين وغير ذلك . وله شعرٌ منه قوله : من الطويل .
أؤمل أن أحيى وفي كل ساعةٍ ... تمر بي الموتى تهز نعوشها .
وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي ... بقايا ليالٍ في الزمان أعيشها .
ومنه : من الطويل .
أؤمل وصلاً من حبيبٍ وإنني ... على ثقةٍ عما قيلٍ أفارقه .
تجارى بنا خيل الحمام كأنما ... يسابقني نحو الردى وأسابقه .
فيا ليتنا متنا معاً ثم لم يذق ... مرارة فقدي لا ولا أنا ذائقه .
قلت : في ترجمة سعيد بن حميد في هذه المادة أبيات جيدة .
ومنه : من البسيط .
يا سائلي كيف حالي بعد فرقته ... حاشاك مما بقلبي من تنائيكا .
قد أقسم الدمع لا يجفو الجفون أسىً ... والنوم لا زارها حتى ألاقيكا .
ومنه : من الطويل .
وما الدهر إلا ما مضى وهو فائتٌ ... وما سوف يأتي وهو غير محصل .
وعيشك فيما أنت فيه فإنه ... زمان الفتى من مجملٍ ومفصل .
قلت : أكمل منه قول الأول : من الخفيف .
ما مضى فات والمؤمل غيبٌ ... ولك الساعة التي أنت فيها