واسعتب الحر إن أنكرت شيمته ... فالحر يستأنف العتبى إذا أنفا .
من ذا الذي نال حظاً دون صاحبه ... يوماً فأنصفه في الود وانتصفا .
قال محمد بن خلف بن المرزبان : إجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر والناشئ ومحمد بن عروس فدعوت لهم مغنيةً فجاءت ومعها رقيبةٌ لم ير الناس أحسن منها فلما شربوا أخذ الناشئ رقعةً وكتب فيها : من المتقارب .
فديتك لو أنهم أنصفوك ... لردوا النواظر عن ناظريك .
تردين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلا إليك .
وهم جعلوك رقيباً علينا ... فمن ذا يكون رقيباً عليك .
ألم يقرأوا ويحهم ما يرون ... من وحي حسنك في وجنتيتك .
وقال الناشئ يصف أصحابه : من البسيط .
ولو شهدت مقاماتي وأنديتي ... يوم الخصام وماء الموت مطرد .
في فتيةٍ لم يلاق الناس مذ وجدوا ... لهم شبيهاً ولا يلقون إن فقدوا .
مجاورو الفضل أفلاك العلى سبل الت ... قوى محل الهدى عمد النهى الوطد .
كأنهم في صدور الناس أفئدةٌ ... تحس ما أخطأوا فيها وما عمدوا .
يبدون للناس ما تخفي ضمائرهم ... كأنهم وجدو منها الذي وجدوا .
دلوا على باطن الدنيا بظاهرها ... وعلم ما غاب عنهم بالذي شهدوا .
مطالع الحق ما من شبهةٍ غسقت ... إلا ومنها لديهم كوكبٌ يقد .
ومن شعره الناشئ : من البسيط .
وشادان ما تولى وصفه أحدٌ ... إلا تلجلج في الوصف الذي وصفا .
يلوح في خده وردٌ على زهرٍ ... يعود من حسنه غضاً إذا قطفا .
لا شيء أعجب من جفينه إنهما ... لا يضعفان القوى إلا إذا ضعفا .
؟ لنيسابوري اللغوي عبد الله بن محمد بن هانئ النيسابوري أبو عبد الرحمان . مات سنة ستٍ وثلاثين ومائتين . روى عن أبي زيد الأنصاري . يحكى أنه أنفق على الأخفش سعيد بن مسعدة اثني عشر ألف دينارٍ وبيعت كتبه بأربع مائة ألف درهمٍ . قال شمر بن حمدويه : كنت عند أبي عبد الرحمان فجاءه وكيلٌ له فحاسبه فبقي وكيلٌ له فحاسبه فبقي له خمس مائة درهم فقال له . أي شيءٍ أصنع بها ؟ قال : تصدق بها ! .
؟ وكان قد أعد داراً لكل من يقدم عليه من المستفيدين فيأمر بإنزاله فيها ويزيح علله في النفقة والرزق ويوسع النسخ عليه . وله كتاب نوادر العرب وغرائب ألفاظها يربى على ألفي ورقة . سمع شمرٌ منه بعض هذا الكتاب .
ابن وداع الوراق عبد الله بن محمد بن وداع بن الزياد بن هاني الأزدي أبو عبد الله . كان وراقاً حسن المعرفة صحيح الخط يرغب الناس في خطه وكان لخطه نفاقٌ وثمنٌ ونفاسةٌ . توفي... .
ابن فأر اللبن عبد الله بن محمد بن عبد الوارث معين الدين الأنصاري أبو الفضل المعروف بابن فأر اللبن . شيخٌ متميز مسن وهو آخر من روى عن الشاطبي . روى عنه القصيده الشيخ حسن الرشيدي وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وبدر الدين الجوهري . توفي سنة أربعٍ وستين وستمائة .
ابن أبي الجوع الوراق عبد الله بن محمد بن أبي الجوع النحوي الأديب الوراق . من أهل مصر . كان مليح الخط جيد الضبط وخطه مرغوبٌ فيه وكان له تحققٌ باللغة والنحو والبلاغة وقول الشعر . وصل إليه من العزيز وابنه الحاكم جملةٌ كبيرة على الوراقة . وقد أدرك المتنبي وأيام كافور ومات بمصر سنة خمسٍ وتسعين وثلاثمائة . قال : كان لي على الوزير ابن خنزابة وعدٌ مطلني به مطلاً ضاق به صدري فعملت فيه : من مجزوء الرمل : .
تاه جهلاً بالفرات ... أحمقٌ ذو نزوات .
قال لي أهيف عنه ... وهو من إحدى الثقات .
إنه يجمع بالم ... يم رؤوس الألفات .
قال : وكتبتها في رقعةٍ وكتبت في أخرى إليه أتنجزه الوعد واتفق لقائي له على عجلةٍ فأردت أن أعرض عليه القصة فدفعت إليه الأبيات غلطاً فلما قرأها قال : لعنك الله ! .
قد غلطت وأعادها إلي والتمس الأخرى فدفعتها إليه وعندي من الخجل ما يقتضيه مثل تلك الحال فأخذها ووقع فيها بما أردت فقلت : لك علي مع ما تكرمت به من الحلم أن لا يسمعها أحدٌ مني ! .
أبو محمد الخطابي