ما أشبه الشبل بالضرغامة الدرب .
فقال الجراوي : .
هذا المعز لدين الله محتسباً .
فقال ابن رشيق : .
لا من سواه وليس الأسم كاللقب .
وقال يصف الديك : من المتقارب .
وكائن نفى النوم عن عترفان ... بديع الملاحة حلو المعاني .
بأجفان عينيه ياقوتتان ... كأن وميضهما جمرتان .
على رأسه التاج مستشرقاً ... كتاج ابن هرمز في المهرجان .
وقرطان من جوهرٍ أحمر ... يزينانه زين قرط الحصان .
له عنقٌ حولها رونقٌ ... كما حوت الخمر إحدى القناني .
ودارٌ نزايله حولها ... كما نورت شعرةُ الزعفران .
ودارت بجؤجؤه حلةٌ ... تروق كما راقك الخسرواني .
فقام له ذنبٌ معجبٌ ... كباقةِ زهرٍ بدت من بنان .
وقاس جناحاً على ساقه ... كما قيس شبرٌ على خيزران .
وصفق تصفيق مستهترٍ ... بمحمرةٍ من بنات الدنان .
وغرد تغريد ذي لوعةٍ ... يبوح بأشواقه للغواني .
وتوفي سنة خمس عشرة وأربعمائة وقد بلغت سنة نيفاً وأربعين سنةً وكانوا قد أغروا به القائد حماد بن سيف فدس عليه من قتله ليلاً . قال ابن رشيق : حدثني بعض أصحابنا قال : غدونا إلى حانوت عبد الله بن الحادرة أحد الجراويين وهو موصوفٌ بالكرم وبين يديه طفلةٌ فقال : إشهدوا أن هذه الطفلة في كفالتي إلى أن تصلح للنكاح فإن صلح لها ولدي فلانٌ فعلي مهرها وخمسون ديناراً وازنةً لشوارها نقداً وإن لا فالخمسون صدقة عليها لوجه الله فقد رأيت البارحة أباها C يوبخني بسببها وأنشدني : من الكامل .
قتلوه لا لخيانةٍ عرفت له ... إلا لفضل براعة الشعراء .
أمروا به من غير ذنبٍ واجبٍ ... أكذا تكون صنائع الأمراء .
فاتصلا بحمادٍ فأسف على الجراوي .
ابن البغدادي المغربي عبد الله بن محمد من أهل قفصة . كان أبوه ظريفاً فلقب البغدادي . قال ابن رشيق في الأنموذج : وطريق عبد الله في الشعر خارجةٌ عن طرقات أهل العصر تعالياً وتغالياً كأنه جاهلي المرمى ملوكي المنتمى يخاله السامع فحلاً يهدر أو أسداً يزأر وله أمثالٌ واستعاراتٌ على حدةٍ من الكلام وفي جهةٍ من البلاغة . وكانت له من عبد الله بن حسن مكانةٌ ثم تغير عليه فداجاه إلى أن تخلص منه إلى جزيرة صقلية بحيلةٍ كانت منه ثم ورد الحضرة ثم انتقل إلى طرابلس ثم خرج منها إلى مصر سنة أربعمائة وكانت له بمصر وقعات فخرج منها مترقباً ثم مات بالحضرة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وقد بلغ قريباً من الستين . وقال لما سار إلى مصر وكتب بها إلى أبيه : من الخفيف .
ليت شعري هل ساءك البعد لما ... قلت مثلي من حرقةً ليت شعري .
وبرغم المراد أزعجني المق ... دار قسراً وكان للقسر قصري .
قل لمن جاء زائري عند أهلي ... سار عنهم وصار من أهل مصر .
غير أني سلوت عن لذة الرا ... ح على طيب مخبري عند سكري .
أيها الدهر قد تبينت صبري ... فاصطنعني حتى ترى كيف شكري .
ومن شعره : من الكامل .
ما كل من عرف التغزل باسمه ... يجد الذي أدنى إلي خلوبا .
أعطيت فضل زمام قلبي أحمر ال ... خدين مكحول الجفون ربيبا .
ويطيب لي حل الغدائر عابثاً ... بيدي وحكي بينهن الطيبا .
وإذا العيون أردن قتل متيمٍ ... كسبنه بجفونهن ذنوبا .
ولكم جريت مع الزمان كما جرى ... ومشيت في حلق الكبول دبيبا .
ورأيت ماء المزن بين شبا القنا ... والبيض في قعب الوليد حليبا .
وإذا أرابني الزمان بصرفه ... أخرجت من أخلاقه التأديبا .
والسيف أجمل ما تراه مضرجاً ... والمرء أخيب ما يكون هيوبا .
والليل صاحب كل ليثٍ باسلٍ ... ولقد أكون له وكنت صحوبا .
منها يذكر المريخ : من الكامل .
وكأنه سيف الزمان مجرداً ... للنائبات فلا يزال خضيبا