عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي أبو العباس الحبر البحر ابن عم رسول الله A وأبو الخلفاء . ولد في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين وصحب النبي A ودعا له بالحكمة مرتين . وقال ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس ! .
وروى عن النبي A وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأُبي وأبيه العباس وأبي ذر وأبي سفيان وطائفة من الصحابة وقال مجاهد : مارأيت أحداً قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وإنه لحبر هذه الأمة وكان يسمى البحر لكثرة علومه . وعن عبيد الله بن عبد الله قال : كان ابن عباس قد فات الناس بخصالٍ : بعلم ما سبق وفقه ما احتيج إليه وحلمٍ ونسبٍ ونائلٍ ولا رأيت أحداً أعلم بما سبقه من حديث رسول الله A ولا بقضاء أبي بكر وعمرو وعثمان ولا أعلم بشعرٍ منه . وتوفي سنة ثمانٍ وستين للهجرة . وروى له الجماعة . أخرجه عبد الله ابن الزبير إلى الطائف وبها توفي وهو ابن سبعين سنة وقيل : ابن إحدى وسبعين سنة . وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعاً وقال : اليوم مات رباني هذه الأمة وضرب على قبره فسطاطاً . روي من وجوهٍ أن النبي A قال : اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن ففي بعض الروايات : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل . وفي حديثٍ : اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين وفي حديث : اللهم زده علماً وفقهاً . قال ابن عبد البر : وهي كلها أحاديث صحاح . وكان عمر Bه يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة . وكان عمر يقول : ابن عباس فتى الكهول له لسان سئول وقلبٌ عقول . وقال طاووس : أدركت نحو خمسمائة من الصحابة إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه لم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله . وقال يزيد بن الأصم : خرج معاوية حاجاً معه ابن عباس وكان لمعاوية موكبٌ ولابن عباسٍ موكب ممن يطلب العلم وقال عبد الله بن يزيد الهلالي : من الطويل .
ونحن ولدنا الفضل والحبر بعده ... عنيتُ أبا العباس ذا الفضل والندى .
وفيه يقول حسان بن ثابت : من الطويل .
إذا ما ابن عباسٍ بدا لك وجهه ... رأيت له في كل أحواله فضلا .
إذا قال لم يترك مقالاً لقائلٍ ... بمنتظماتٍ لا ترى بينها فضلا .
كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع ... لذي إربة في القول جداً ولا هزلا .
ومر عبد الله بن صفوان يوماً بدار عبد الله بن عباس فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه ومر بدار عبيد الله بن العباس فرأى فيها جمعاً يتناوبونها للطعام فدخل على ابن الزبير فقال له : أصبحت والله كما قال الشاعر : من البسيط .
فإن تصبك من الأيام قارعة ... لم نبك منك على دينا ولا دين .
قال : وماذاك يا أعرج ؟ قال : هذان ابنا العباس أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس فما أبقيا ذلك لك مكرمة فدعا عبد الله بن مطيع وقال له : إنطلق إلى ابني عباس فقل لهما يقول لكما أمير المؤمنين : أخرجا عني أنتما ومن انضوى إليكما من أهل العراق وإلا فعلت وفعلت فقال عبد الله بن عباس : والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان : رجل يطلب فقهاً ورجلٌ يطلب فضلاً فأي هذين نمنع ؟ ! .
وكان ابن عباس قد عمي آخر عمره . وروي عنه أنه رأى رجلاً مع النبي A فلم يعرفه فسأل النبي A عنه فقال له : أرأيته ؟ قال : نعم ! .
قال : ذاك جبريل عليه السلام أما إنك ستفتقد بصرك ! .
فعمي في آخر عمره فهو القائل فيما روي عنه : من البسيط .
إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور .
قلبي ذكيٌّ وعقلي غير ذي دخلٍ ... وفي فمي صارمٌ كالسيف مأثور .
وروي أن طائراً أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس ويقال : بل دخل قبره طائر أبيض فقيل : إنه بصره بالتأويل ! .
وقيل : جاء طائر أبيض فدخل نعشه حين حمل فما رُئي خارجاً منه . وشهد عبد الله بن عباس الجمل وصفين والنهروان مع علي بن طالب .
حفيد وزير الرشيد