فأملى الجواب عن ذلك على من كتبه ونسخته : أما بعد فالحمد لله الذي أمتع من الفضلاء بكل مجيز ومستجيز وأشهد من معاصري ذوي الدراية والرواية من جمع بين البسيط من علو الإسناد والوجيز نحمده على نعمة يجب له عليها الإحماد ونشكره على تهيئة فضلها المخول شرف الإسعاف والإسعاد ونصلي على سيدنا محمد المعظمة رواة أحاديثه وحق لهم التعظيم العالية قدراً وسنداً من شأنه التبجيل والتفخيم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وما أحقهم بالصلاة والتسليم . وبعد فإني وقفت على ما التمسه الإمام الفاضل الصدر الكامل المحدث الصادق العالي الإسناد الراقي إلى درجة علماء الحديث النبوي بعلو روايته السائرة على رؤوس الأشهاد وهو غرس الدين خليل بن أبيك : .
وحسبي به غرساً تسامى أصالة ... إلى أن سما نحو السماء علاؤها .
حوى من بديع النظم والنثر ما رقى ... إلى درجات لا يرام انتهاؤها .
استجاز أعزه الله فأتى ببديع النظم والنثر في استجازته وقال فأبدع في إبدائه وإعادته وتنوع في مقالهما فأسمع ما شنف الأسماع وأبان عما انعقد على إبداعه الإجماع وقال فما استقال ورتل آي محكم كتابه فتميز وحق له التمييز على كل حال وقد أجبته إلى ما به رسم جملة وتفصيلاً وأصلاً وفرعاً وأبديت له وجهاً من وجوه الإجابة جميلاً ما تجوز لي روايته من كتب الحديث وأصنافها ومصنفات العلوم حسب إجازة ألافها حسبما أجزت به من المشايخ الذين أخذت عنهم وسألت الإجازة منهم بقراءة أو سماع أو مناولة أو وصية وما لي من تأليف ووضع ونظم ونثر وجمع كشعري المتضمنه الديوان المثبت فيه ومناظرة الفتح بن خاقان المسمى شنف الآذان في مماثلة تراجم قلائد العقيان وسيرة مولانا السلطان الملك الناصر المتضمنة أجزاء متعددة وسيرة والده السلطان الشهيد الملك المنصور المتضمنة جزءاً التي حسنتها على ألسنة الرعايا مترددة أيضاً نظماً وما يشرح الصدور من أخبار عكا وصور والإعراب عما اشتمل عليه البناء الملكي الناصري بسرياقوس من الإغراب وإفاضة أبهى الحلل على جامع قلعة الجبل وقلائد الفرائد وفرائد القلائد فيما للشعراء العصريين الأماجد ومناظرة ابن زيدون في رسالته وقراضات الذهب المصرية في تقريظات الحماسة البصرية والمقامات الناصرية ومماثلة سائر ما حل من الشعر وتضمين الآي الشريفة والأحاديث النبوية في المثل السائر والمساعي المرضية في الغزوة الحمصية وما ظهر من الدلائل في الحوادث والزلازل والمناقب السرية المنتزعة من السيرة الظاهرية والدر المنتظم في مفاخرة السيف والقلم والأحكام العادلة فيما جرى بين المنظوم والمنثور من مفاخرة والرأي الصائب في إثبات ما لا بد منه للكاتب والإشعار بما للمتنبي من الأشعار وتجربة الخاطر المخاطر في مماثلة فصوص الفصول وعقود العقول مما كتب به القاضي الفاضل في معنى السعيد ابن سناء الملك وعدة الكاتب وعمدة المخاطب وشوارد المصايد فيما لحل الشعر من الفوايد ومخالفة المرسوم في الوشي المرقوم وما لك غير ذلك من حل نظم ونظم حل ورسائل فيما قل أو جل وما يتفق لي بعد ذلك من نظم ونثر وتأليف وجمع حسب ما التمسه مني بمقتضى إجازته وإبدائه وإعادته ؛ وكتب في يوم الأحد خامس عشر صفر سنة تسع وعشرين وسبعمائة . وكتب بخط يده بعد ذلك : أجزت له جميع ذلك بشرطه وكتب شافع بن علي بن عباس . وأنشدني لنفسه إجازة : .
قال لي من رأى صباح مشيبي ... عن شمال من لمتي ويمين .
أي شيء هذا ؟ فقلت مجيباً : ... ليل شك محاه صبح يقين .
وأنشدني لنفسه إجازة : .
تعجبت من أمر القرافة إذ غدت ... على وحشة الموتى لها قلبها يصبو .
فألفيتها مأوى الأحبة كلهم ... ومستوطن الأحباب يصبو له القلب .
وأنشدني له إجازة : .
أرى الخال من وجه الحبيب بأنفه ... وموضعه الأولى به صفحة الخد .
وما ذاك إلا أنه من توقد ... تسامى يروم البعد من شدة الوقد .
وأنشدني له وقد احترقت خزانة الكتب في أيام الأشرف : .
لا تحسبوا كتب الخزانة عن سدى ... هذا الذي قد تم من إحراقها .
لما تشتت شملها وتفرقت ... أسفت فتلك النار نار فراقها