قال سنان : نشأتُ بالبصرة وَكَانَ والدي من مقدّميها ووقع هَذَا الحديث فِي قلبي وجرى لي مع إخوتي أمر أحوجني إلى الإنصراف فخرجت بغير زاد ولا ركوب وتوصّلت إلى المَوت فدخلتها وبها الكيا محمّد وَكَانَ لَهُ ابنان أحدهما الحسن والآخر الحسين فأقعدني معهما فِي المكتب وساواني بهما وبقيت حَتَّى مات وولي ابنه الحسن فانفذني إلى الشام فخرجت مثل خروجي من البصرة وَلَمْ أقارب بلداً إلا فِي القليل وَكَانَ قَدْ أمرني بأوامر وحمّلني رسائل فنزلت بالموصل فِي مسجد التمارين وسرت منها إلى الرقّة وَكَانَ معي رسالة لبعض الرفاق فزوّدني واكترى لي بهيمةً إلى حلب ولقيت آخَرَ وأوصلته رسالةً فاكترى لي وأنفذني إلى الكهف وَكَانَ الأمر أن أقيم بهذا الحصن فأقمت حتى توفي الشيخ أبو محمد وكان صاحب الأمر متوليّ بعده الأخواجة عليّ بن مسعود وبغير نصّ إلاّ بالأتّفاق ثمّ اتّفق الرئيس أبو منصور أحمد ابن الشيخ والرئيس فهد فانفذا من قتله فجاء الأمر من الموت بقتل قاتله وإطلاق فهد ومعه وصيّةً وأمر أن يقرأها على الجماعة : وهو عهد عهدناه إلى الرئيس ناصر الدين سنان وأمرناه بقراءته عَلَى سائر الرفاق أعاذكم الله جميعَ الإخوان من اختلاف الآراء واتّباع الأهواء إذ ذَاكَ فتنة الأوّلين وبلاء الآخرين وفيه عبرة للمعتبرين ومن تبرّأ من أعداء الله وأعداء وليّة ودينة عَلَيْهِ موالاة أولياء الله والاتحّاد بالوحدة سنّةِ جامع الكلم كلمه الله والتوحيد والإخلاص لا إله إلاّ الله عُروةِ الله الوثقى وحبله المتين ألا فتمسّكوا بِهِ واعتصموا عبّاد الله الصالحين فله صلاح الأوّلين وفلاح الآخرين اجمعوا آراءكم لتعليم شخصٍ معَّينٍ بنصّ من الله ووليّه فتلقّوا مَا يُلقيه إليكم من أوامره ونواهيه بقبول ! .
فلا وربّ العالمين لا تؤمنون حَتَّى تحكموه فيما شجر بينكم ثُمَّ لا تجدوا فِي أنفسكم حرجاً ممّا قضى وتسلموا تسليماً ! .
فذلك الاتحاد بِهِ بالوحدة الَّتِي هي أية الحقّ المنجِية من المهالك المؤدية إلى السعادة السرمدّية إذْ الكثرة علامة الباطل المؤدّية الشقاوة المخزية والعياذ بالله من زواله وبالواحد من إلهة شتّى وبالوحدة من الكثرة بالنصِّ والتعليم من الأدواء والأهواء المختلفة وبالحقّ من الباطل وبالآخرة الباقية من الدنيا الملعونة الملعون مَا فيها إلا مَا أُريد بِهِ وجه الله ليكون علمكم وعملكم خالصاً لوجهه الكريم ؛ يَا قوم ! .
إنمّا دنياكم ملعبة لأهلها فتووّدوا منها للأخرى وخير الزاد التقوى إلى أن قال : أطيعوا أميركم ولو كَانَ عبداً حبشيّاً ولا تزكّوا أنفسكم انتهى .
وَكَانَ سنان أعرج بحجر وقع عَلَيْهِ من الزلزلة الكائنة فِي أيّام نور الدين فاجتمع أصحابه إليه وقالوا : نقتلك لترجع إلينا صحيحاً فإنّا نكره أن تكون فينا أعرج ! .
فقال : اصبروا عليّ ! .
لَيْسَ هَذَا وقته ولاطفهم وناساهم عَلَى ذَلِكَ